لا أخفيكم أنناعند معالجة أي قضية أو مشكلة عالمية عالقة، وبعد استنفاد الحلول والأساليب المقترحة كافة، نجد أنفسنا كإنسانيين في حرج شديد، سيما وأن المسألة لا تتعلق بضيق الأفق في القوانين العالمية، وإنما في عدم التوافق على مشروعية القانون بهذا الأفق أو ذاك ، وضمن هذا السياق جاء الاقتراع للموافقة على الاقتراح الذي من شأنه أن يجمع كلمة مختلف العقائد والديانات لمعالجة القصور المعرفي وعدم القدرة على التصالح، حتى في الفلسفات، مما يسوغ للمشرع العالمي أرضية مشتركة تستند إلى مجموعة العقائد والأفكار الأكثر نضجًا ، هذا عدا عن إعادة إحياء التراث في إطاره التاريخي ليكون قادراً على رفد الفكر الإنساني وحركيته نحو تحقيق "الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي" وللجميع ، ومن هنا، وضمن هذه الحاجات العالمية الملحة، جاءت فكرة الكتاب القيمي الجامع، وسط عالم مليء بالصراعات، ليشكل مجموعة من الفرص المتاحة للمعالجة وإمكانية توفر الحلول الناجعة، وخاصة إذا استندت إلى أسس موضوعية ومنطقية نحسب وجودها في هذا الكتاب ، تلك الأسس التي من شأنها أن تسهم في وقف النزيف العالمي والخسائر التي تتعرض لها عدة مناطق دون تسويات عادلة وحاسمة ومقنعة لكافة الأطراف، لا بل وتعيد التوازن التدريجي في مناطق النزاع، وصولا إلى تحقيق السلام العالمي المنشود ، وضمن هذا السياق ندرك أهمية
الحاجة إلى " الكتاب القيمي الجامع " ولعل نظرة معمقة إلى
تاريخ البشرية المليء بالنزاعات التي نشبت بسبب الاختلافات الدينية والثقافية تجعلنا نفخر بما نقوم به من عمل جليل يخدم الأجيال القادمة لقرون لاحقة ، بدليل أنه رغم وجود العديد من القيم المشتركة بين الديانات المختلفة، إلا أن التركيز على الفروقات بدلاً من التوافقات أدى إلى تفاقم النزاعات ، و هنا تأتي الحاجة إلى كتاب جامع يبرز القيم المشتركة ويقدمها كمرجع أخلاقي عالمي ، و هذا الكتاب ليس مجرد تجميع لنصوص دينية، بل هو إطار شامل يجمع الحكمة الإنسانية في مجالات السلام، العدل، الرحمة، والتسامح ، ولا بد لنا هنا من توضيح خطوات إعداد الكتاب ، والتي تقتضي في تقديرنا مايلي :
1. تشكيل لجنة دولية متعددة الأديان:
يتطلب هذا المشروع تشكيل لجنة تضم علماء دين ومفكرين من مختلف الديانات والثقافات ، و يمكن أن يكون لهذه اللجنة دور رئيسي في تحديد القيم الإنسانية المشتركة وتقديمها بشكل شامل ومقنع.
2. دراسة النصوص الدينية والأخلاقية:
تحتاج اللجنة إلى تحليل النصوص المقدسة لكل ديانة، بالإضافة إلى الحكم والأمثال الثقافية، لاستخراج المبادئ التي تعزز القيم الإنسانية المشتركة ، و الهدف هو التأكيد على أن هذه القيم ليست مجرد جزء من ثقافة معينة، بل هي جزء من الحكمة الإنسانية العالمية العامة.
3. صياغة القيم المشتركة:
بعد جمع وتحليل النصوص، يمكن صياغة القيم المشتركة في فصول واضحة وشاملة ، و يمكن تقسيم الكتاب إلى فصول مثل السلام، العدل، الرحمة، التعايش، النزاهة، والمسؤولية الاجتماعية.
4. إشراك المجتمع المدني:
التعاون مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والثقافية لنشر الوعي وتعزيز هذه القيم في المجتمعات يعتبر خطوة حاسمة لضمان قبول الكتاب وتطبيقه ، لا بل ونشره في المدارس والجامعات على المستوى العالمي بقانون ملزم ، وبشكل يتناسب مع كل مرحلة بحسب الذهنية والمؤهلات العلمية
5. النشر والترجمة:
لتوسيع نطاق تأثير الكتاب، يجب ترجمته إلى لغات متعددة وتوزيعه على نطاق واسع، يمكن أن يكون الكتاب جزءًا من المناهج التعليمية وبرامج التدريب في مختلف أنحاء العالم ، وبطرق ملزمة قانونياً.
أما عن محتويات الكتاب القيمي الجامع ، فهي كما يلي:
1. مقدمة:
توضيح الهدف من الكتاب وأهمية التعاون بين الديانات والثقافات المختلفة لتعزيز القيم الإنسانية المشتركة.
2. فصول القيم:
كل فصل يتناول قيمة معينة بالتفصيل، مع أمثلة من مختلف الديانات والثقافات ،على سبيل المثال:
فصل السلام: يتناول أهمية السلام في مختلف الديانات وكيف يمكن تحقيقه على المستوى الفردي والجماعي.
فصل العدل : يشرح مفهوم العدل وأهميته في بناء مجتمعات متساوية ومنصفة ،
فصل الرحمة: يتناول دور الرحمة والتسامح في تعزيز العلاقات الإنسانية.
فصل التعايش: يركز على أهمية التعايش والتفاهم بين مختلف الثقافات والأديان.
3. دراسات حالة:
أمثلة واقعية عن تعاون بين أتباع الديانات المختلفة لتحقيق أهداف مشتركة تعزز القيم الإنسانية.
4. النتائج والتوصيات:
استراتيجيات عملية لتعزيز القيم المشتركة في المجتمعات، مع توضيح كيفية تطبيقها في الحياة اليومية والسياسات الحكومية.
من هنا تتمظهر لنا أهمية الكتاب القيمي الجامع في النقاط التالية :
1. تعزيز التفاهم والسلام:
بتقديم إطار قيمي مشترك، حيث يمكن للكتاب أن يسهم في تقليل النزاعات وتعزيز التفاهم بين الشعوب المختلفة.
2. بناء مجتمعات عادلة:
الكتاب يمكن أن يكون مرجعاً لبناء سياسات وقوانين تعزز العدالة والمساواة في المجتمعات.
3. دعم التعليم والتربية:
يمكن للكتاب أن يكون جزءاً من المناهج التعليمية، مما يعزز التربية على القيم الإنسانية منذ الصغر.
4. مرجع أخلاقي عالمي:
سيكون الكتاب مرجعاً أخلاقياً ملزماً يمكن للدول والمؤسسات الاستناد إليه في سياساتها وقراراتها ، وخلاصة القول : نحن كمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي ، نجد
أن مشروع "الكتاب القيمي الجامع" ليس مجرد فكرة طموحة، بل هو ضرورة ملحة في عالمنا اليوم ، من خلال تقديم دستور ومرجع عالمي للقيم الإنسانية المشتركة، يمكننا من بناء مستقبل أكثر عدلاً وسلاماً ، و هذا الكتاب يمكن أن يكون الأساس لعالم يتفهم ويحتضن التنوع بدلاً من أن يفرقه، ويعزز القيم التي تجعل من عالمنا مكاناً أفضل للجميع ، ونعود ونكرر لولا احترامنا وتقديرنا لجميع الديانات ، وأيماننا بأنها تحمل قيم نوعية لما طرحنا هذا الكتاب ... !! خادم الإنسانية
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .