في العشرين من شهر تموز من كل عام تصادف الذكرى السنوية لاستسهاد الملك المؤسس الشهيد عبد الله ابن الحسين ونستذكر في هذا اليوم السبت الذكرى ( 73)، ثلاثة وسبعون عاما لهذه الذكرى العطرة لاستشهاد الملك عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه وفي هذه الذكرى لابد من ذكر بعض من مناقب وسجايا الشهيد الهاشمي الذي سالت دماؤه الزكية الطاهرة على عتبات المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين كأول شهيد من الهاشميين مستذكرين اهم ما قدمه للاردن والعرب أجمعين... حيث نذر نفسه لخدمة العروبة والأسلام وكان مؤمناً بقضاء الله وقدره ومن أقواله في ذلك:
(فقد يكون لدى القدر ضدي من المفاجآت والاهوال مالا علم لي به وما لا طاقة لي عليه! لا ادري!؟ فقد أعيش لكي أقدر ان أفسر وأن أدافع وأن أنتقم وقد أموت برصاصة طائشة أو متعمدة من شاب عاطل لم يقدر ان ينفّس حقده على الانجليز أو على فاروق أو على اليهود فجاء ينتقم مني! ولكن ألست انا من آل البيت؟! أليس الاستشهاد حقاً علينا نحن.. آل البيت)؟
من هنا لابد وأن نستعرض ونلقي الضوء على بعض الجوانب الهامة في حياته إنجازاته وتضحياته من أجل القضية الفلسطينية قضية العرب الاولى التي قدم روحه فداءً لها على عتبات المسجد الاقصى المبارك ليكون أول شهيد وأول هاشمي
ضحى بدمه الزكي الطاهر.... من اجل عروبة القدس وثرى فلسطين.
ففي العشرين من شهر تموز من عام 1951 كان الاردن وأحرار العرب على موعد مع الفاجعة الكبرى التي غيّبت أحد أعمدة الامة العربية وقادتها (الملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين) رحمه الله حيث يستذكر الاردنيون الاحرار استشهاد الملك المؤسس في كل عام وهم يرفعون أكف الضراعة الى الله ان يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته. الملك المؤسس كان قائداً للجيش الشرقي احد جيوش الثورة العربية الكبرى والتي تحركت باتجاه شرق الاردن فبعد الانتهاء من تحرير الحجاز كُلّف بأن يقود جيشاً كبيراً من رجالات العرب ليتوجه به لتحرير سوريا مروراً بشرقي الاردن التي بدأ بتشكيل إمارتها منذ وصوله جنوب الاردن (معان). فقد نجح جلالته خلال سنوات حكمه التي استمرت قرابة الثلاثين عاماً في تكوين دولة قادرة على البقاء والاستمرار وتحويلها من مجتمع قبلي بدوي بسيط إلى دولة حديثة ومستقلة ذات سيادة، حيث استمرت مسيرة الاستقلال منذ تأسيس الامارة الفتية عام 1923 إلى أن أصبحت مملكة مستقلة عام 1946 لتكون للاردنيين دولتهم وحريتهم وتُصان كرامتهم فبعد الاستقلال شارك الجيش العربي الاردني في عهده في معارك القدس واللطرون وباب الواد والشيخ جراح دفاعاً عن ثرى فلسطين ليكون من أوائل المدافعين وقدم الاردن العديد من الشهداء في هذه المعارك التي خاضها دفاعا عن ثرى فلسطين الطهور..
قصة الا ستشهاد ....
كان المغفور له قد أعلن يوم /19 من شهر تموز عام 1951 بأنه ينوي السفر للقدس لزيارة أهلها والصلاة يوم الجمعة
في الاقصى وكان قد تلقى جلالته رسالة مغلّفة لا توقيع عليها يقول فيها مرسلها ان خطر القتل يتهدده ولكن الملك لم يلقي اهتماماً لذلك.. كما وطلب السفير الامريكي اجتماع عاجل ليمنع هذه الزيارة حيث كان رد الملك عبدالله حينها على السفير الامريكي وهل تريدون أن اقطع علاقتي مع شعبي؟ وأن أحبس نفسي في القصر؟! فلا أرى أحد ولا يراني أحد إنني ملك مسلم أؤمن أن لكل أجل كتاب وأنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا وأن القدس هي البلد الامين بالنسبة لي وأهلها أهلي وأن الصلاة في المسجد الاقصى المبارك ستمنحني الحماية والقوة وان الاعمار اولاً وأخيراً بيد الله).
لقد كان قلبه معلقاً بالقدس ودائم السفر إليها وبشكل منتظم كل أسبوع لاداء صلاة الجمعة ولم يكن يوم الجمعة (20 تموز عام 1951) يوما استثنائياً في ذلك حيث توجه ملك البلاد للصلاة في هذا اليوم وبمعية حفيده الامير الحسين بن طلال انذاك وبعد أن أمضى ليلته الاخيرة في القدس وفي صباح اليوم التالي توجه للصلاة في المسجد الاقصى وسار في ساحة الحرم القدسي حيث احتشد الالوف ممن جاءوا ليشهدوا الصلاة وأثناء ذلك كان يحيط به رجال الحرس وعلى رأسهم حابس المجالي الذي كان يتولى حراسته وأصدر بدوره تعليمات أمنية مشدّدة لحراسة الملك وحاول هو ورجاله أن يبعدوه عن الازدحام الذي ملأ الساحة.. عندها التفت جلالته قائلاً قولته المشهورة : (لا تحبسني يا حابس).
ولما وصل جلالة الملك باب المسجد الاقصى رفض بشدة أن يرافقه الحرس إلى الداخل وبعد بضع خطوات من دخوله للمسجد ومن خلف باب المسجد امتدت إليه يد الغدر والخيانة يد جبانة مدعومة من قوى الشر والظلام وكان ذلك عندما أطلق أحد المسلحين الإرهابيين ثلاث رصاصات من مسدس كان يحمله أصابت صدر ورأس جلالته فارتقى شهيداً حيث سالت دماؤه الزكية الطاهرة على عتبات المسجد.
رحم الله الملك الشهيد المؤسس عبدالله ابن الحسين واسكنه فسيح الجنان واطال الله في عمر الملك عبدالله ابي الحسين الذي سار ويسير على نفس النهج نهج الاباء والاجداد لما فيه خدمة للعروبة والاسلام بشكل عام وللاردن بشكل خاص تحت ظل الراية الهاشمية الخفاقة بقيادة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ابي الحسين حفظه الله ورعاه..