يبدو إنو الكذب صار هواية العصر، وفعلاً مثل ما بيقولوا: «الكذب ملح الرجال وعيب ع اللي بيصدق». يعني، صرنا نعيش في عالم إذا حدا حكى الحقيقة، الناس تنصدم وتقول: «واو، شوفوا هالإنسان النادر!»
من أيام ما كنا صغار، كنا نسمع القصص البطولية من أجدادنا، اللي كانوا يحكوا كيف إنهم قاتلوا أسود البحر وجابوا كنوز الجن. طبعًا، لما كبرنا اكتشفنا إنه البحر ما فيه أسود، والجن مش رايحين يتركوا كنوزهم لأي حدا. بس الكذب كان جزء من التسلية، وكان له طعم خاص.
اليوم، الكذب صار فن، وصار عندنا محترفين فيه. إنّهم حواليك في كل مكان. فوقك وتحتك.
وما ننسى أصحابنا اللي عندهم قصص ما بتنتهي. كل ما تحكي مع واحد، بيقولك: «مرة كنت في دبي، وشفت فلان، وعزمنا على الغدا». ولو سألت ثاني يوم: «وين كنت مبارح؟» يرد عليك: «كنت مع علنتان في اجتماع سري.»
والمضحك أكثر، لما تسمع واحد يقولك: «أيام المعركة، كنت أنا اللي دربت الناس على القتال!»، ولما تسأله كيف، يرد عليك: «يا زلمة، كنت أورّيهم كيف يضربوا بالعصا على شجرة الزيتون، ونقول: هذا تدريب على حرب الشوارع.»
بصراحة، اللي بيصدق الكذب هو اللي عنده المشكلة. الناس صار عندها قدرة على تصديق المستحيل، بس لو حدا حكى لهم الحقيقة، ما بصدقوه. مثلاً، لو حدا قال إنه شاف نيزك نازل في جبل عمان، الكل بيصدق، بس لو حكى إنه نسي يتغدّى لأنه مشغول، الكل بيقول عنه كذاب.
في النهاية، صرنا نعيش في عالم مليء بالكذب، وكل واحد فينا صار محترف في هالفن. بس يا ترى، هل الكذب فعلاً ملح الرجال؟ ولا هو مجرد وسيلة للهروب من الواقع؟ عيب ع اللي بيصدق، لأنه بكل بساطة، صار الكذب هو الحقيقة الجديدة.