في الوقت الذي ارتفعت فيه الأصوات المطالبة بالإصلاح السياسي إلى درجة لم تكن متوقعة يوما ما ، جاء الإصلاح السياسي متواضعا جدا ولم يصل في أحسن أحواله إلى الحدود الدنيا من المطالب ، في حين أن هذا الإصلاح جاء ليشمل تعديلات دستورية كان أبرزها قانون ازدواج الجنسية الذي لا يمس بأي شكل من الإشكال حياة المواطنين بقدر ما يعنى بالمسئولين أصحاب الجنسيات المزدوجة ، في الوقت ذاته عجزت تلك الإصلاحات عن إقرار قانون الضمان الاجتماعي الذي يخدم كافة طبقات المجتمع الأردني ليبقى حال المواطن الأردني كما هو.
وبنظرة عامة إلى كلتا الحالتين يتضح لنا أن الإصلاح السياسي جاء اكبر بكثير من حجم الحراك الشعبي ولا اقصد هنا التقليل من شأن الحراك وأثره على السياسات الحكومية بل حجم ذلك الحراك بالنسبة لحجم المجتمع الأردني ففي المزار الجنوبي مثلا لم يتجاوز عدد المعتصمين في أحسن الأحوال ال 500 شخص في حين أن عدد سكان اللواء يزيد عن 20 الف نسمة ، وهم الأغلبية الصامتة التي تطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد أيضا وقس على ذلك باقي مناطق المملكه.
وفي الوقت الذي كانت بعض المحطات المشبوهة تحاول استثمار الحراك الشعبي في الأردن لإلحاقه بالربيع العربي كما حدث في اعتصام دوار الداخلية كان المواطن الأردني أوعى بكثير من ذلك الإعلام لسبب معلوم لدى العالم كله وهو أن التاريخ لم يسجل للنظام الأردني أية مجازر في حق شعبه عدا عن أنه نظام متسامح حتى مع الذين اساؤوا إليه.
أما عن الاستثمار الحكومي فقد عمدت الحكومة إلى تبييض وجهها أمام النظام وأمام العالم بأسرة لتعلن أنها استجابت لتلك المطالب وقامت بتعديل الدستور وقامت بإصلاحات سياسية وكأنها تتسول بهذا الحراك مكاسب سياسية و مادية حتى (مجلس التعاون الخليجي) دون أن تقدم شيء ملموسا يخفف وطأة الحياة على المواطن الأردني الذي يعاني الأمرين.
والنتيجة واضحة في استمرار الحراك ولا يبدو انه سيتوقف حتى مع تغير حكومة البخيت واستبدالها بحكومة الخصاونة ولا يبدوا أيضا أن هناك بوادر ما لم يحدث تغيير حقيقي في نهج تلك الحكومات.
حفظ الله الأردن من كل سوء.