ما الجديد في الانتخابات البرلمانية المقبلة التي يتنظرها الجميع بفارغ الصبر؟ ذلك سؤال نسمعه كل يوم، ونستشفه أحيانا من خلال التعليقات والمقالات والمقابلات التي تدور في معظمها حول المشاورات التي تجريها الأحزاب الوطنية، والهيئات الاجتماعية المختلفة، وخاصة بشأن أسماء المرشحين للقوائم الحزبية والمحلية، وما يحيط بتلك الحيوية من تجاذبات أو اختلافات أو توافقات وهكذا!
أما الجديد في الانتخابات البرلمانية المقررة يوم العاشر من سبتمبر المقبل أنها المحطة الأولى على سكة قطار التحديث الذي انطلق من اللجنه الملكية لتحديث المنظومة السياسية، مروراً بالإجراءات التشريعية التي أنتجت قانوناً جديداً للأحزاب، وقانوناً معاصراً للانتخاب وهذا يعني أن ذلك الاستحقاق الدستوري هو في حد ذاته إنجاز يعكس خياراً سياسياً يتبناه جلالة الملك ويدافع عنه في سبيل تحقيق مبدأ توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ومواصلة المسيرة الديمقراطية ، جنباً إلى جنب برؤية اقتصادية طموحة، وتطوير إداري من شأن رفع كفاءة المؤسسات العامة في خدمة التنمية من ناحية، وسرعة إنجاز المعاملات وتيسيرها على المواطنين من ناحية ثانية.
إذا جاز التعبير، أو إذا جاز وصف هذه العملية بأنها رحلة بالقطار من مرحلة لأخرى فلا شك أن الأحزاب الوطنية البرامجية قد ركبت ذلك القطار الذي سيأخذها إلى مجلس النواب العشرين، حيث ينتظرها واحد وأربعون مقعداً، مثلما تنتظرها تحديات واختبارات كثيرة، وربما سيكون ممثلوها هم الأكثر مراقبة من الجميع، نظرا لما هو متوقع منهم من تغيير على مستوى التعبير عن مواقف الأحزاب من كل القضايا التشريعية والرقابية أو في النقاش العام، ولا شك أنهم من هذه الناحية مجبرون على إعداد العدة عندما يحين موعد الانتقال للمرحلة الثانية حيث سيتضاعف عددهم تحت القبة، ومن الضروري أن تتضاعف أعداد المنضمين للأحزاب التي يمثلونها، تبعا لمدى النجاح الذي حققه البرنامج الذي انتخبهم الناس على أساسه!
قلت في مقال سابق إن الأحزاب الوطنية قد تحملت أعباء ثقيلة وعظيمة من أجل أن تستجيب للرؤية الملكية السامية حول الحياة السياسية الأردنية الحديثة، وأشرت بلطف إلى وجود حالة من الترصد والتضخيم لبعض المظاهر المعتادة في مثل هذه المواسم الانتخابية، وربما يكون ذلك طبيعيا، نظرا لحداثة التجربة في شكلها ومضمونها وزمانها، وكنت سأكتب عن مسألة (النخب) بالنسبة لهذه التجربة التي تجعل من النخبوية شخصية عامة تتمثل في الحزب نفسه عندما يتمكن من التعبير عن طموحات الناس، ويرتقي بالحياة الحزبية ليجعل منها محركاً ايجابياً في بناء الدولة، وتحقيق أمنها واستقرارها وتقدمها وازدهارها، ولكن وجدت أن فكرة القطار الذي أصبحت الأحزاب الآن على متنه، وبدأ ينطلق رويداً رويداً، ربما سيختصر المسافات، وقد يختصر كذلك الكلام، ويحد من جدل لا طائل منه.
طبيعة العمل الحزبي تقبل النقاش والحوار، وهو أمر ضروري وصحي، ولكن هناك من لا يريد أن يركب القطار، ولا يريد للقطار أن ينطلق، بل يراهن سلفاً على فشل مسيرتنا التي بدأناها ونحن على ثقة بسلامة التوجه ومصداقيته، وفي كل الأحوال هذه مسيرة بلد لا يوقفها شيء بحول الله وقدرته، وإن بعض الكلام لا يعبر سوى عن القاعدين، وهذا شأنهم!