لا يلزم العارفين كثير بحث لتقديم معلومة دقيقة، للحديث عن وجدانيات اجتماعية، سيما ونحن نعيش زمنا يشهد أفول كل القيم الطيبة، علما أن الدقة أيضا تتطلب أن مسألة طِيبة القيم والنفوس، أمست نسبية، وأقول أمست لأننا اليوم على مشارف ليلٍ عربي قد يكون طويلا.
مناسبة الحديث هي عدم وجود مناسبة، ولا نحتاجها لأن ال»طّعّة» حالة «مستدامة»، حين يتصدر الجموع ويتخللها إلى درجة الإشباع، سخيفون، خفيفو قيمة، لا فكرة ولا تأثيرا تنويريا، والمصيبة أنهم دعاة حكمة، أي أن هؤلاء اقتنعوا بأنهم لديهم كل الفكرة التي يحتاجها الناس، ولديهم البراعة والدربة «الاحتراف» في توصيلها وغرسها في العقول على هيئة حكمة نورانية..
لا مناسبات أكثر تأثيرا على المجتمعات التي تسير سعيدة، في ذيل مسيرة التغيير والتقدّم العالمية، مثل الانتخابات، فهي موسم حواريّ بل ندوة مفتوحة، يمكن للجموع والأفراد أن يتعلموا منها كثيرا من المساقات التي فاتتهم معرفتها، لكن هذه الفرصة النادرة أو الموسمية تفوتهم أيضا، بسبب الفارغين وبسبب الاتجار في مستقبلهم، الذي يسوقون له بأنفسهم.. وإن أفضل طريقة لبيع وشراء الناس وتدمير مستقبلهم وأحلامهم، أن يتولى سخيف فارغ جاهل تسويق صاحب مال «أسود» ليصبح «أبو القروش» صانع سياسة وتشريع ومستقبل!!.
في «الطّعّة» الاجتماعية الانتخابية يتحدثون عن كل شيء لا يعرفونه: عن القانون والسياسة والاقتصاد والتعليم والتحديات التي تواجه دور الأردن ومستقبله، ويقولون في الولاء والانتماء، ويتلون على مسامعنا قصائد شعرية، حتى عن نياشين المعارك الملحمية التي تولوا فيها قيادة الكوكب لغزو المجرات السوداء، السابحة في تلافيف الفضاء الفسيح..
لا يوجد جهة مسؤولة عن ضبط قعود او قيام هذه الطّعّة، سوى العقل والذكاء السياسي «الوطني» المخلص، وهذا ما كنا ننتظره من أحزاب تملك فكرة ولديها برنامج لتحقيق أهداف أردنية سياسية واجتماعية واقتصادية و»أمنية» وطنية..
ابحثوا في عمق هذه الطّعّة، عساكم تجدوا مثل هذه الأحزاب، ولا تبحثوا عن ثمن لدوركم ومستقبلكم الذي تضعونه تحت أقدام سخيف وساذج ولص تافه.