في رفح راهن نتنياهو على حسم المعركة وتحقيق نصر عسكري. وفي رفح ترنح جيش العدو، والعملية كانت كبيرة ومعقدة، والفشل طارد جيش الاحتلال في تحقيق اي انجاز عسكري يذكر.
و المقاومة في رفح اعادة ترتيب برنامهجا الميداني. وانتقلت من التصدي الى الهجوم والاغارة على مراكز وتجمعات جيش الاحتلال. وقدمت المقاومة في اسبوعين نمطا جديدا، واكد على استمرار قدرة المقاومة على الصمود والمواجهة، ونصب الكمائن وزراعة الالغام، والقيام بعمليات فدائية، وذلك من خلال القصف بانواع مختلفة من القذائق.
رهان نتنياهو اخفق، ورهان القيادة العسكرية في عملية رفح. ونتنياهو صار امام خيارين : البحث عن اتفاق مع المقاومة في غزة لوقف اطلاق النار واطلاق الاسرى، أو مواصلة حرب الاستنزاف بلا افق ومنظور عسكري حاسم ونهائي. و في حين، ان سيناريو الحرب الكبرى قد تراجع ومستبعد من الحسابات العسكرية الراهنة لحرب غزة وتوابعها. والجبهة اللبنانية كشفت عن قدرات وامكانات عسكرية فاقت حسابات اسرائيل وامريكا من وراء ظهرها. والصواريخ اليمينية طوقت تل ابيب فزادت من ردع اسرائيل، ودفعت المؤسسة العسكرية والسياسية في تل ابيب الى مراجعة اي قرار لفتح حرب كبرى في الاقليم، او تصعيد المواجهة على جبهة لبنان.
نتنياهو تهرب من التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار. الوزير بن غفير قال : ان اي موافقة اسرائيلية لوقف اطلاق النار ضربة وطعنة في الخاصرة لترامب، مرشح الرئاسة الامريكية.
وفي المرحلة الثالثة ناورت اسرائيل على تخفيض العملية العسكرية، واطفاء الخسائر العسكرية والبشرية في جيش الاحتلال، ودون تبني قرار بوقف اطلاق النار. ودعمت واشنطن المرحلة الثالثة وروجت لها. وبمثابة لعبة على الوقت، ومهل زمنية اضافية تمنح الى نتنياهو، لكي يرتب اوراقه في الداخل الاسرائيلي، وليطفئ نيران الاحتجاج الشعبي العارم المطالب بالتوصل الى اتفاق لاطلاق الاسرى الاسرائيليين.
ما بعد الطائرة المسيرة اليمينية، ويوم 19 تموز لم يكن عاديا في الصراع العربي / الاسرائيلي، وقلب معادلة وموازين القوى والحرب، وادخل اليمن الى التاريخ من بوابة فلسطين المحتلة.
وقالت محاور المقاومة لن نسمح للمقاومة في غزة بالانكسار. وبعد قصف الحوثيين لتل ايبب فان المعركة دخلت طورا جديدا. وحملت صواريخ اليمن فارقا استراتيجيا في المعركة، وحيث تقول : ان المقاومة قادرة على القيام بعمليات لا تستطيع دولة الاحتلال ردها وصدها.
الهدف المركزي للمقاومة في محاورها اخضاع اسرائيل واجبارها على وقف اطلاق النار وحرب الابادة في غزة، ووفقا لشروط المقاومة. وما يعني للحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان نهاية الحرب.
و ان كان نتنياهو وقادة المؤسسة العسكرية تهربوا وتنصلوا من مباحثات اطار اتفاق وقف اطلاق النار. ولكن، المقاومة قالت كلمة اخرى، وما بعد صواريخ اليمن، والرد الاسرائيلي، والرد اليمني المتوقع والمرتقب على الرد الاسرائيلي.. فانه يضع اسرائيل مرة اخرى في معركة «طوفان الاقصى» كجغرافيا عارية ومكشوفة امام قوى محور المقاومة، مردوعة عسكريا، وبلا عمق ومجال حيوي واستراتيجي، وتشتيت نظرية الامن القومي الاسرائيلي.
الحرب دخلت دوامة الاستنزاف. ونيران الحرب تتدحرج اقليميا. واليمينون معنيون في الرد على الهجوم الاسرائيلي على مدينة الحديدة. وما بدأ بعد قصف تل ابيب في جولة من حرب مفتوحة بين اليمن ودولة الاحتلال.
نتنياهو واسرائيل في مأزق كبير. ويبدو ان انقلاب موازين القوى في الاقليم تميل الى حساب محور المقاومة. وقد دخلت الحرب شهرها العاشر، واسرائيل تفشل في تحقيق اي نصر او انجاز عسكري يذكر.