ثلاث صور من ثلاث ساحات انتخابية بعيدة كل البعد عن بعضها بعضا لكنها متشابهة في جانب من عناصرها. لاعتبارات لا تخفى على القارئ الكريم سأشير إلى تفاصيل الصورة الأولى فقط.
في اليوم الختامي لأعمال مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلووكي في ولاية ويسكنسون المتأرجحة الأسبوع الماضي، قام نجم المصارعة الحرة تيري جيين بولييا، المعروف باسم هالْك هوجان من ولاية جورجيا المهمة انتخابيا، قام بشق ثيابه تعبيرا عن ولائه الشديد للرئيس السابق المرشح الرئاسي دونالد ترامب. صورة مثيرة لها ما لها وعليها ما عليها حتى في صفوف مؤيدي ترامب، خاصة من خلفيات عرقية ودينية وثقافية ترى في الأمر إفراط وحتى غلوّ.
الصورة الثانية من ساحات لا تقتصر اللطميات فيها على مناسبات محددة بل صارت في إطار التحشيد لغايات سياسية، على مدار العام، لها روزنامتها الخاصة. حاول البعض التسلل إلى دول بعينها باسم السياحة الدينية أو التعددية المذهبية أو الانفتاح على كل شيء باسم التسامح! لا حاجة إلى التفصيل هنا، فما يهمنا في هذا المقام وهذا السياق هو ذهنية اللطمية من حيث جلد الذات والتخندق وعقلية الحصن أو الترس، والانفصال عن الواقع، والشطط والغلو في الهروب منه إلى الخلف، إلى أحداث تاريخية مكانها البحث العلمي التاريخي، بلا إسقاطات أو توظيفات هي أبعد ما تكون عن المكانة أو القيمة الروحية التي يدعي البعض خدمتها في تلك الممارسات التي لم تقف عند اللطم، بل ما عرف ب «التطبير» ومؤخرا التطيين!
أما الصورة الثالثة، فهي بيت القصيد. صورة الدق على الصدر، أولئك الذين تنشط دقاتهم على صدورهم -وأحيانا على صدور الآخرين ودونما استئذان- في المواسم الانتخابية، في أقرب ما يكون إلى «الدقدقة» الانتهازية. لا ننسى أن البعض يشير على نحو خاطئ وخطِر إلى شخص ما على أنه خبير أو شديد المراس والبأس بأنه «مْدَقْدَق»، كناية عن الوشم أو الوسم ولا فرق في سوئهما بكل الاعتبارات، ومن أحدثها ما اكتشفته مصادر صحية بأن «دقدقة» الأحبار بألوانها والرسوم والكتابات بأشكالها، تتسبب بأضرار طويلة الأمد، قد تتسبب أو تنشّط سرطنة الخلايا، خاصة الجلدية.
من حسن الحظ، أن «المُجرّب لا يُجرّب»، لكن من سوئه أن البعض يضطر إلى خداع نفسه ويظن أن «حليمة لن تعود إلى عادتها القديمة»، فيما يرى البعض الآخر في من دق صدره لأول مرة، فرصة جديرة بالتجريب بأي صفة كان المرشح حزبيا أو مستقلا أو محسوبا على جهة أو شخصية ما.
وتكاد لا تتشكل أو تتبدل حكومة أو مجلس نيابي إلا وتساءل منظمو الاستطلاعات ومديرو الحوارات التلفزيونية عن سبب خيبات الأمل أو انعدام الثقة بين الناخب والنائب أو الناخب والمسؤول.
العلة هي دق الصدر -يمينا أو يسارا- بلا حساب وبلا مساءلة. دق صدر ينزلق إلى مهاوي لطم الصدر، ومهالك شق الثوب!