مع تحول النظام الدولي نحو تعددية الأقطاب، يطرح تساؤل مهم حول كيفية تفاعل "الجنوب العالمي" مع هذا التحول وكيف يمكن للدول النامية أن تعيد تنظيم نفسها للاستفادة من الفرص الجديدة التي يتيحها النظام الدولي المتغير ؟!! وللإجابة على هذا التساؤل، نقول : لا بد لنا بداية من تحليل التحديات والفرص التي تواجهها دول الجنوب، وطرق تحقيق إعادة الاندماج بشكل فعّال ، ولكن قبل ذلك علينا تعريف الجنوب العالمي، ومن ثم التعرف على تحدياته ، وجدير بالذكر أن مصطلح "الجنوب العالمي" يشير إلى الدول النامية أو الأقل تقدماً، والتي تقع بشكل رئيسي في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية ، وتواجه هذه الدول العديد من التحديات التي تشمل ضعف البنية التحتية، ندرة الموارد الاقتصادية، والصراعات السياسية والاجتماعية ، و هذه التحديات تجعل من الصعب على هذه الدول أن تلعب دوراً بارزاً في النظام الدولي الحالي الذي تهيمن عليه القوى الكبرى من "الشمال العالمي" ، لكن مع
التحول نحو التعدد القطبي ، تتشكل فرص متعددة ومتنوعة ، لكن تبقى مرهونة بسرعة فهم اللحظة السياسية الراهنة ، في الوقت الذي تشير فيه التحولات العالمية إلى ظهور نظام دولي متعدد الأقطاب، حيث تظهر قوى جديدة على الساحة العالمية، مما يؤدي إلى تقليص هيمنة القوى العظمى التقليدية ،وضمن هذا السياق، تبرز فرص جديدة للدول النامية لتعزيز دورها ومساهمتها في السياسة الدولية ، بحيث يمكن لهذه الدول الاستفادة من تنوع القوى العالمية لتحسين قدراتها الاقتصادية والسياسية، ولعب دور أكثر تأثيراً في تشكيل النظام الدولي ، ولضمانة النجاح لا بد من استراتيجيات و إعادة الاندماج ،لتعظيم الاستفادة من النظام الدولي المتعدد الأقطاب، حيث تحتاج دول الجنوب إلى تبني استراتيجيات فعّالة لإعادة الاندماج ، و يمكننا تحديد الاستراتيجيات التالية لهذه الدول :
1. تعزيز التعاون الإقليمي: من خلال بناء تحالفات إقليمية قوية، يمكن لدول الجنوب تحقيق الاستقرار والتنمية المشتركة ، مما يسهم في التعاون بين هذه الدول ، وفي تعزيز موقفها التفاوضي على الساحة الدولية ويعزز قدرتها على معالجة القضايا العالقة.
2. تطوير البنية التحتية: يتطلب تحسين البنية التحتية والموارد البشرية استثمارات كبيرة، مما يعزز من قدرة الدول النامية على الاستفادة من الفرص الاقتصادية الجديدة ويقلل الفجوة التنموية بينها وبين الدول المتقدمة.
3. تعزيز الابتكار والتكنولوجيا: فالاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا يساعد الدول النامية على مواكبة التقدم العالمي وتحقيق التنمية المستدامة، مما يعزز من قدرتها التنافسية.
4. التحرك الدبلوماسي النشط: سيما وأن توسيع العلاقات الدبلوماسية مع القوى العالمية الجديدة يفتح أبواباً لفرص تجارية واستثمارية جديدة، ويعزز من نفوذ دول الجنوب على الساحة الدولية.
5. السعي نحو بناء إتحاد إقليمي بين هذه الدول ، حقيقي وليس شكلي ، لبناء أسس متينة وقوية ومؤثرة في السياسة والاقتصاد ، على أن تكون تحت إشراف رئاسة دورية تشمل جميع الدول الأعضاء ، وتكون بدايتها إصدار عملة موحدة ، وبنك مركزي موحد ، فضلاً عن إصدار جواز سفر موحد ، وفي تقديرنا أن هذه النقطة تحديداً تحتاج إلى شرح مفصل يتجاوز مساحة هذه العجالة.
أما عن فرص التعدد القطبي للجنوب العالمي ، فيمثل ظهور قوى جديدة في النظام الدولي فرصة لدول الجنوب لتعزيز قدرتها على التأثير في السياسة العالمية ، و يمكن أن تتيح هذه الفرص تحسين مكانة الدول النامية على الساحة الدولية، وجذب الاستثمارات، وتوسيع نطاق النفوذ من خلال التعاون الندي والمنافسة الحقيقية، بدلاً من التبعية ، وأخيراً وليس بأخر يمكننا القول : أن التحول نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب يعتبر فرصة هامة لدول الجنوب العالمي لإعادة الاندماج بشكل فعّال ، و من خلال استراتيجيات مدروسة تشمل تعزيز التعاون الإقليمي، تطوير البنية التحتية، تعزيز الابتكار، والتحرك الدبلوماسي النشط، يمكن لدول الجنوب أن تلعب دوراً أكبر في تشكيل النظام الدولي الجديد وتحقيق التنمية المستدامة ، من خلال ما نسميه ' الاتحاد العام لدول الجنوب العالمي " ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .