«هرمنا» بصوت ذلك الأخ، المواطن التونسي الذي ذاع صيته عند اندلاع حريق ما سموه زورا وبهتانا ربيعا عربيا، هرمنا ونحن نسمع الأجداد يقولون: الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون.
ها قد أتى زمان تتحقق فيه ما يعرف في عالم الأدب -الروايات على وجه الخصوص- العدالة الشعرية «بويتِك جَستِس». هذا العالم صار تحت رحمة جيل «الجِن زي»، عالميا وبشكل متسارع لا يكاد يمنح الآباء والأجداد فرصة التقاط الأنفاس وفهم ما يجري.
صحيح أن قوانين الديموقراطيات -الحقيقية أم الشكلية- تحدد سن من يحق له الترشح والانتخاب، لكن الطرفين في حقيقة الأمر تحت سطوة ورحمة المزاج العام وهو أهم من الرأي العام الذي في نهاية المطاف سيحدد نسب الاقتراع واتجاهات البرلمان والحكومة وحكومة الظل وقوى المجتمع والاقتصاد في كثير من دول العالم بما فيها الأعظم والأعرق في العملية الديموقراطية البرلمانية من حيث التأثير أو العديد كالهند وبريطانيا وأمريكا.
لا مكان للعنصرية وهي مدانة في المطلق بصرف النظر عن الضحية والجلاد.
ليس مجال الحديث ولا البحث عن الإغراق في تفاصيل أي انتخابات بما فيها الأهم عالميا، الانتخابات الأمريكية، لكن ما لا يمكن إنكاره الآن ومن قادة الحملات الانتخابية على مستوى الرئاسة ومجلسي الكونغرس ومواقع قيادية أخرى كمناصب حكام الولايات والمقاطعات والمدعين العامين والشرفاء «جمع شريف» بمعنى قائد الشرطة وهي من التسميات التي يعتد بها الأمريكيون العرب كونها تعلي قيم الشرف في الخدمة العامة وخاصة العسكرية. الشريف الأشرف سمعة في أمريكا على اختلاف توجه الولايات يمينا أم يسارا هو ذلك الضابط أو تلك الضابطة من ذوي الأكف النظيفة والسيرة العطرة والمهنية البعيدة عن التحزب حتى لحزبه، حيث تسمح القوانين الأمريكية لكن بضوابط صارمة للعسكريين الانضمام للأحزاب والجمعيات شريطة عدم تأثيرها في أدائهم الواجب لخدمة الجميع مواطنين ومقيمين بمن فيهم بشكل غير شرعي!
في مقالة سابقة قبل أسابيع أشرت إلى دور مهاجر غير قانوني من فنزويلا قام باستخدام «تيك توك» في كومة جرائم خطرة: أولاها -وهي ما كشفته- استغلال بعض الثغرات في قوانين السكن -تمليكا وإيجارا- بحيث يقوم غرباء بالسطو على بيت أثناء غياب أهله بفعل الاحتلال بالقرفصاء «سكواتِنغ»! من الجرائم الأخرى كانت إرشاد المتسللين من تجار البشر والرق الجنسي والمخدرات على ثغرات الحدود..
ورغم الحملة الحكومية ومن الحزبين الجمهوري والديموقراطي على التطبيق الصيني «تيك توك»، اضطرت اعتبارات جمع التبرعات واستمالة الناخبين من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والمتأرجحين والمستقلين إلى التراجع والعودة إلى توظيف ذلك التطبيق هكذا «مصلحة»!
العجيب أن «الجين زي» يعيش ذكورا وإناثا -وأولئك الذي يزعم ون غير ذلك- يعيشون عالة على ليس فقط الآباء أو أحد الوالدين وإنما الأجداد حيث تشير الأرقام إلى تصاعد صادم في مدى الحاجة إلى تدخل الأجداد لإنقاذ فلذات أكبادهم وأحفادهم «أعز من الولد ولد الولد» من حر مالهم، من تقاعدهم الشهري أو مدخرات الشيخوخة.
ويا لها من دنيا، الآن الجميع تحت رحمة تصويت ذلك الجيل «الجين زي» أو عدم تصويته حتى تتقرر أمور كثيرة ليس فقط حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وتايوان بل الضرائب والتأمينات التي ستحدد مستوى معيشة الآباء والأجداد.
هل يقول العم سام «ندمنا» كما قالها ذلك الأخ في تونس الخضراء أيام «ثورة الياسمين»؟ أقول بالفم المليان نعم. ندم الكثير من الأمريكيين خاصة العرب والمنحدرين من أصول شرق أوسطية ومشرقية على التراخي في تنشئة جيلي الألفية و»الجن زي»!
الديموقراطية قبل كل شيء ثقافة وتربية قبل أن تصير تشريعات وممارسات وسياسات. ستلمع «ضروس العقل» ألما للأسف بفعل الحصرم ولا غنى عن «كبش القرنفل»!!