علينا أن نعترف جميعاً بأن هناك تغيرات جيوسياسية سريعة ومتلاحقة، وفي مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية المعقدة، تظهر الحاجة إلى حكومة قادرة على التفاعل بمرونة وكفاءة مع الأزمات الراهنة ، ورغم تقييماتنا المختلفة للحكومة الحالية، فهي ليست البديل الأمثل لحكومة المرحلة التي تقتضيها جملة الظروف المحيطة والتي تفرض علينا داخلياً وخارجياً ،
وللتوضيح أكثر، نقول : ماذا لو فُرضت علينا "صفقة القرن"؟!! هل يمكن للحكومة الحالية أو أي حكومة تقليدية التعاطي معها بشكل ومضمون معمق ومحترف وشامل ضمن ما نسمّيه "إدارة التناقضات" ؟! في الوقت الذي لا يمكننا الهرولة إلى الأمام متناسين جملة من الحقائق السياسية العالمية، المفروضة لحل القضية الفلسطينية، في الوقت الذي لا يمكننا ابدا التراجع إلى الخلف المثقل بالعدمية القادرة على اجهاض كافة الإنجازات السابقة ، هذا عدا عما تسببه هذه الحقائق من هيجان شعبي يقتضي انفتاحاً وحوارات غير مسبوقة، فضلاً عن ممارسة الشفافية بأعلى درجاتها ، في وقت نجد التأزم موجود أصلاً بسبب الأوضاع المالية والاقتصادية، مما يعقد المشهد الداخلي وهذا ما يضاعف الحاجة إلى حكومة نوعية ، وجدير بالذكر هنا إن كنت لا أخشى من الناحية الاجتماعية، إلا أن التغافل عنها قد يجعلها هدفًا للمتربصين بأمن الوطن والمواطن ، لهذا دعونا نفكر بحكمة استراتيجية كنا وما زلنا الحامل لها في عموم المنطقة الملتهبة بكافة أنواع المتناقضات المختلفة والمتخلفة في آن معاً ، سيما وأننا ندخل اليوم مرحلة جديدة تتطلب "حوارًا مفتوحًا وجادًا" ، وهذا الحوار يجب أن يتجاوز مجرد تقييم الأخطاء والنواقص في الإدارات السابقة، ليشمل أيضًا تهيئة أرضية سياسية قادرة على استيعاب التغيرات المقبلة ، في ظل سيناريوهات أمريكية وإسرائيلية مركبة قد تطرأ، و تحتاج استجابتنا إلى استراتيجيات غير تقليدية ، فضلاً عن أن واقعنا الإقليمي الحالي يشهد تخبطًا وقصورًا في الفهم السياسي، مما يبرز الحاجة إلى "حكومة إبداع النخبة السياسية" ، ويجب أن تتكون هذه الحكومة من أفراد ذوي خبرة وكفاءات متميزة و عالية جداً ، ومرنة بذات الوقت ، ولا بأس أن تشمل رؤساء وزراء سابقين أو رؤساء مجالس نواب أو أعيان سابقين، وأيضاً خبرات لهم باع وخبرة في العمل الإقليمي والدولي ، نتحدث عن الذين يمكنهم تقديم رؤية مبتكرة وحلول غير تقليدية في المرحلة الأخطر ، اعود وأكرر نحن بحاجة إلى حكومة تتجاوز حدود التقييمات الحالية، وتعمل على تعزيز "الدولة الأردنية" ككيان متقدم وحيوي ، وينبغي على هذه الحكومة أن تتجنب الجمود وأن تكون مرنة وقادرة على استيعاب المعطيات المتغيرة من جهة، وفي الوقت ذاته، يجب ألا تخضع لحتميات المشكلات الإقليمية ، من خلال إنسجامها مع المعطيات الدولية الجديدة ، لأنه من المفترض أن يرى الجميع الحركية السياسية الأردنية كحركة صاعدة، تعكس القدرة على التكيف مع التحديات وإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للثنائيات الضدية ، لبناء علاقات موضوعية إقليمياً وعالمياً ، لمظهرة فكر الدولة في الإرادة والفاعلية ، الحامل لمشروع رؤية عربية تجاوزت التنظير الشكلي ، وأرست قواعد المنهج السياسي المتطور من حيث المبدأ في بدايات القرن الماضي ، والذي كان له الدور الأكبر في إستقلال العرب والحفاظ على هويتهم ، ما يعني أننا مصدر ومعيار لتحرر العربي الإقليمي والعالمي، والذي يمكننا إعادة بلورته اليوم ، ولكن ضمن اتجاهات تغذي حضورنا في اللحظة السياسية الراهنة أولا ، وخلاصة القول : يتعين علينا التفكير خارج الصندوق بحكومة أكثر جدارة لتلبية متطلبات المرحلة وتحديات المرحلة المقبلة، مما يعزز قدرة الدولة الأردنية على تجاوز الأزمات وتحقيق نمو مستقر ومستدام ، حمى الله الأردن قوياً منيعاً ، تحت ظل الراية الهاشمية ، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .