ما عنيته من بعد باسم الله وبحمده والله أكبر، هو تكبير الخط. تلك الكتابة المجهرية التي يضعها ناصبو الفخاخ في ذيل وعلى هامش كومة أوراق، يتم التوقيع عليها في غفلة من الضحية التي توقّع «على بياض»، ظنا منها أن الظريف صاحب الابتسامة الصفراء، يريد لها خيرا من وراء ذلك الإقرار أو التفويض.
حتى تتم عملية النصب لا بد من طُعم، كأن يكون فترة سماح ثلاثة أشهر أو ربح ميدالية الشقة أو السيارة التي انكبّ عليها المستهلك أو العميل، فاندلق تزلّفا وانزلق طمعا بصيد ثمين، ويا لخيبة الأمل والرجاء، مرارا وتكرارا!
نصحت من أعول وأحب ألا يشتروا سلعة غذائية تزيد مكوناتها على بضع أسماء، شريطة أن تكون معروفة في منهاج المرحلة الابتدائية، بمعنى مكونات بسيطة. كزيت الزيتون مثلا، لا كزيت القطن!
«المؤمن كَيّسٌ فَطِن». جزى الله عنا الأستاذ الدكتور إبراهيم الخالدي في جامعة اليرموك الخير كله، وقد كتب قبل نحو ثلاثة عقود على لوح أحد مدرجات الجامعة في مساق اختياري: تربية إسلامية، كتب البروفيسور الخالدي ذلك الحديث الشريف وحرص على تنبيهنا بأننا كمؤمنين لا بد أن يُعرف عنا حُسن المعشر ونقاء السريرة والفطنة. قالها وما زالت ترنّ في أذني «كَيّسٌ فَطِن» لا كيس أو «شوال» قُطْن!
كذلك هي العقود التجارية، حتى لو تلك التي نوقع عليها عند شراء النقّال الذكيّ. لا بد من تكبير الخط -وقد تعمدت مدّ الياء بتكرارها ثلاثا- لا بد من تكبير تلك السطور المجهرية في ذيل العقد لأنها غالبا ما تمتلئ بالألغام والمفخخات والرمال المتحركة!
سامحهم الله أولئك الذي وقعوا صكوك «المبايعة» يمينا ويسارا أو «شِمالا» باللهجة المصرية التي نحبها، وتعني كل ما هو غلط (شِمال)، دون أن يفتحوا عيونهم ويدققوا في تلك الخطوط المجهرية. بعض الهتافات والشعارات وأخيرا المجسمات -وهذه تقليعة جديدة- لا تنطلي على أي مؤمن كيّس فطن. ارحمونا يرحمنا وإياكم الله. مجسمات صواريخ، بعدها توابيت، ماذا بقى في الدولاب يا حاوي؟!
التراث الروحي والاجتماعي والعشائري -وهو عزنا وفيه هيبتنا- لا يعرف إلا قراءة الفاتحة -»أم الكتاب»- ولا يلوذ إلا بـ «السبع المثاني». طبائعنا وسجايانا هي أن يُولم الناس لذوي الفقيد، كما أوصى محمد بن عبدالله الرسول الكريم بعد استشهاد جعفر الطيار في مؤتة، جعفر بن أبي طالب عليه وعلى الأخيار الأبرار الطاهرين الصادقين سلام من الله ورحمة إلى يوم نقف فيه جميعا أمام الواحد الديان، مكبّرين مهلّلين: «وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة»..
المشاعر الإيمانية والوطنية أسمى وأجل من الهياكل والمجسمات. لا وثنية ولا أصنام في الإسلام ولا في المسيحية. نعبد الله وحده لا شريك له. والبيعة لا تكون إلا ولاء وانتماء.. ولاء للعرش الهاشمي المفدى، وانتماء للأردن الأغلى، في شخص سيدنا «أبو حسين» ومقام الملك، جلالة قائدنا الأعلى عبدالله الثاني ابن الحسين المفدى..