لم يعتد الأردن سوى المجاهرة في آرائه العقلانية والحكيمة، وغدا الصوت الأردني هو الأكثر ثقة إقليميا ودوليا، وباتت الحلول الأردنية عنوانا لقادم أفضل، ومخرجا لكافة الأزمات، والتي باتت تتجاوز مفاهيم الأزمات إلى مجازر وكوارث، كما لم يختبئ يوما خلف مواقف هشّة أو ضعيفة، أو حتى فوضوية، بل تصدّر المحافل الإقليمية والدولية حكمة وعقلانية، ورؤى عملية وحقيقية تجعل من الحقّ نصيرا لطالبه، والسلام واقعا تعيشه المنطقة والعالم.
خلال زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، أمس الأول إلى طهران، والتي قال بشأنها «أنا هنا اليوم تلبية لدعوة من وزير الخارجية الإيراني للتشاور حول التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة، وكلفني جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين أن ألبي الدعوة إلى طهران»، حسمت قضايا متعددة، جدلية، تخص العلاقات الثنائية «لندخل في حديث أخوي واضح وصريح حول تجاوز الخلافات ما بين البلدين بصراحة وشفافية بما يحمي مصالح كل من بلدينا، ويضعنا على طريق نحو بناء علاقات طيبة وأخوية قائمة على احترام الآخر، وعدم التدخل في شؤونه، والإسهام في بناء منطقة يعمها الأمن والسلام».، كما تحدث الصفدي، علاوة عن حسم جوانب جدلية متعددة حول قضايا المرحلة وأبرزها الحرب على غزة، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية رحمه الله.
لا يمكن المرور عن زيارة الصفدي إلى طهران بتكليف من جلالة الملك قبول دعوة الزيارة، مرور الاستعجال، فهي زيارة تقف عندها تفاصيل هامة في العلاقات الثنائية مع إيران، وكذلك في ظروف المرحلة التي يعيش بها الإقليم واقعا مضطربا ربما لم يشهده تاريخها، ما يجعلها هامة جدا لجهة القيام بها من حيث المبدأ، وكذلك لجهة الملفات الجوهرية التي تم النقاش بشأنها، وحسم الكثير منها، تحديدا فيما يخص القضية الفلسطينية والحرب على أهلنا في غزة، والتي لم يكن بها الأردن سوى مع غزة وأهلها نصيرا وداعما.
القضية الفلسطينية، في مباحثات الصفدي في طهران، حضرت وبقوة، وبحسم القول عندما قال «أنا وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية، التي لم تكن يوما إلا سباقة في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وفي الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وفي إدانة الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، وفي رفض كل ما تقوم به إسرائيل من إجراءات تصعيدية تحول دون تحقيق الأمن والاستقرار والسلام العادل الذي نريده بشكل واضح، وأولويتنا الآن هي وقف العدوان الهمجي الذي يتعرض له أهلنا في غزة، ووقف كل ما تقوم به إسرائيل من جرائم حرب في غزة»، ليس موقفا عاديا، إنما موقف واضح وثابت أردني وإن كان كالقابض على الجمر، لكنه يصرّ عليه، لم يخفه يوما، بل جعله أولوية أردنية ودولية، ولم يتوقف لوقف العدوان على غزة، وإلزام إسرائيل بالشرعية الدولية.
زيارة هامة، بل متغيّر حقيقي في قضايا المرحلة، تتجدد به المواقف الأردنية من مختلف القضايا والملفات، وصوت أردني يحضر في طهران، سواء كان ثنائيا أو كذلك بقضايا إقليمية ودولية جدلية، هامة ومؤثّرة، وتأكيد واضح كما دوما هو الأردن وقف العدوان الإسرائيلي على غزة هو المفتاح الحقيقي لإنهاء التصعيد، ووقف استباحة حقوق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، في وقف جرائم إسرائيل ميزان للمنطقة بعيش آمن، وسلام بات أمنية للإقليم وللعالم، كما هو الأردن يحضر بقوة ووضوح وعملية وحقائق ومجاهرة لم يخفها يوما تاريخيا.