السبت الماضي؛ وأمام إلحاح «البنات»، قررت، ثم ذهبت لحضور تخريج كليتي الطب وطب الأسنان، ذهبت للحضور وأنا الذي لم أحضر تخرجي شخصيا من الجامعة، ولم يسبق لي أو للأبناء أن حضروا تخريجهم، لكن البنت الصغرى رغبت بالحضور، و»رحنا نحضر»..
بصراحة؛ وعلى الرغم من قناعتي بأن مثل هذه المناسبة في أية جامعة، وبالنسبة لأي طالب يتخرج منها، مناسبة سعيدة، وتوثيقية..الخ، لكنني لم أكن أتوقع أن أخرج بهذا الانطباع عن مناسبات تخريج طلبة الجامعة الأردنية «أم جامعاتنا الأردنية وسيدتها، وزينتها»، وقد تعرضت لحالة من «الانبهار»، فوق السعادة الكبيرة بهذا الانطباع، والحصة الوطنية التلقائية العفوية التي حضرتها في هواء طلق، في مكان ازدان بالعبق الوطني والإنساني والحضاري، فوق الازدهاء بالألوان واللوحات الجمالية العاصفة بكل المعاني الراقية النبيلة.. واحتفظت بتلك الصورة والانطباع لمدة 24 ساعة فقط، ثم تطايرت بعض الصور البهية الجمالية.
الأستاذ د. نذير عبيدات، الطبيب، ورئيس الجامعة الأردنية، لا يحتاج لشهادة مني ومن غيري، فتاريخه ودرجته العلمية تكفيان لتقييمه، وقد تحدث في تلك الاحتفالية البهيجة، وحلّق بالمعاني العظيمة الراقية، و»غصبن عني» حككت بعض أصابعي لاسيما الخنصران، حككتهما برفق والذاكرة تتسارع لاستخراج «ريكورد» متعلق بأيام الحصاد، حيث كانت أصابع أيدينا تشرف على الذوبان من كثرة الجروح، وقلة «القماش» ل»تدريعها» ضد القش الذي يفعل فيها فعل شفرات الحلاقة.. كنت أحاول أن أجمع بعض («الأكنان» من «شمال» القمح الذي يرميه رحمة والدي على الغِمر، أعني تلك التي تكون مضمخة بحمرة دمه النازف من أصابعه.. كنت أضعها في «غمور»، وحدها)، فهو، ومثله كثيرون من علماء الجامعة الأردنية الشامخة، حملوها على امتداد 59 عاما على أكتافهم وفي قلوبهم، وتعالت «مداميك» في بنياننا الأردني الحصين الرصين، فكل الجهود التي تساهم في بناء بيت او وطن، تغدو قليلة حين نقارنها بجنود التنوير وأساتذته..
لكن هل تعلمون ما الذي قد يلوث مصل هذه اللوحات الغارقة بالشرف الأردني؟.. الجهلاء نعم، فهم أعداء كل جميل وجنود أوفياء في صفوف الأعداء، الذين يتربصون بالبلدان النقية الواعدة، التي اتخذت من العطاء والبناء ونشر الجمال دستورا وخطة عمل.
ساءني حد الغضب، ما شاهدته أمس الأول ليلا، وهو «فيديو» من إحدى حفلات تخريج طلبة الجامعة الأردنية، حيث سار بين الخريجين وعلى المنصة، شخص، وقف عند راعي التخريج، و»خمش» ورقة من يد أحد الخريجين أثناء تسلمه شهادته من راعي الحفل، وأمام الكاميرا، وعلى رؤوس الأشهاد، نزع الشخص المجهول تلك الورقة التي كانت تحمل عبارة تذكر الناس بعدد الأيام التي انقضت على حرب الإبادة في غزة، وهي نسخة من عبارة وتصريحات وجهود رسمية اردنية، سياسية وإعلامية وشعبية وعقائدية وما شئتم من مجالات الخطاب الإعلامي، الذي تميز به الأردن قيادة وشعبا وحكومات ومؤسسات، وأطفالا ورجالا وشبابا.. وأمهات، وإنني متأكد بأن أم ذلك الشخص الذي انتزع تلك الورقة بتلك الطريقة، بكت أكثر من مرة وتوجهت لله بالدعاء لينصر ويساعد ويلطف بغزة وأهلها.. لكنه فعلها، وأساء لدولة ولشعب ولمؤسسة أكاديمية تنويرية، كان قد عبر رئيسها الأستاذ الدكتور نذير عبيدات، عن موقفها المعروف في الوقوف مع فلسطين وغزة، ضد الإجرام والطغيان والإبادة..
هذه الالتقاطة، لا تعبر عن أي شيء أردني، بل تستهدف كل موقف جميل وصادق يقوم به الأردن، يغيظ الأعادي..
هذه حركة أساءت لوطن وشعب وجامعة، فهل نسمع عن إجراء تقوم به تلك الجامعة والأجهزة المعنية؟!.
وللحديث بقية.