في حالة استثنائية نوعا ما شهدت الاسواق العالمية على اختلافها نهاية اسبوع دامية فيما يتعلق بالاسعار مع انخفاض حاد في بداية تعاملات الاسبوع الحالي امس، الاسهم العملات الذهب والنفط، في الاسواق العالمية شرقا وغربا كانت تغني لحنا واحدا وهو لحن الهبوط الحاد في الاسعار والذي ينبئ بالخسائر التي منيت بها الدول بشكل عام نتيجة لتأثيرات التغيرات الجيوسياسية التي مر بها العالم منذ العام 2022 مرورا بازمة الشرق الاوسط والتصعيد الخطير هناك، مع استمرار العدوان الصهيوأمريكي على قطاع غزة واتخاذه ابعادا مختلفة نتيجة تغول آلة الحرب الصهيونية شرقا مع دعم مطلق من قبل الولايات المتحدة الامريكية لعبثيات حكومة الصهاينة التي قد تؤدي الى حرب شاملة في المنطقة.
صحيح ان المنظرين والمحلليين الاقتصاديين اقتصروا اسباب هذا الهبوط الحاد الذي انهت به الاسواق العالمية خاصة اسواق الاسهم الاسبوع الماضي مع استمراره بداية الاسبوع الحالي الى توقعات بمرور الاقتصاد الامريكي وهو الاكبر في العالم بمرحلة ركود، ومروا الى المخاوف من تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الاوسط وما يرافقها من تداعيات واحتمالية توسع دائرة الحرب ومدى تأثيرها على الامدادات النفطية، الا انهم تناسوا امتداد الاثار السلبية لسياسة الولايات المتحدة والدول الغربية من ورائها تحت مظلة حلف الناتو في احداث تغيرات جيوسياسية تتناسب مع اطماع هذه الدول في مناطق متفرقة حول العالم.
هذه الاطماع التي ادت الى نشوب حروب ممتدة كتلك التي دفعت بالاتحاد الروسي للقيام بعملية عسكرية خاصة في اوكرانيا لحماية حدوده، وما رافقها من سياسات قادتها واشنطن للتضيق على الاقتصاد الروسي، لكن كان التضيق الفعلي والاثر الاعمق على اقتصادات دول الناتو على رأسها امريكا، التي بدأت تعاني ما حذر منه عقلاؤها.
عدا عن ذلك تدخلات واشنطن تحت بند «الحرية والديمقراطية» في بحر الصين لفصل تايون ودفع بكين للتأكيد مرارا وتكرارا عن ضرورة تراجع الولايات المتحدة عن نهجها في اثارة الفتن ومتعتها في نشب الحروب، عدا عن متعة واشنطن في اثارت المشكلات لابقاء العالم تحت مظلتها عائدا اليها لانقاذها كما تزعم ذلك كونها القائد العام للعالم اجمع بحسب اعتقادها.
والآن تفاقم التوترات في منطقة الشرق الاوسط بعد تغول العدو الصهيوني من خلال حكومته اليمينية الفاشية التي تريد علنا دون خجل طرد الشعب الفلسطيني من ارضه، وهي تشن عليه الآن مذبحة مستمرة منذ عشرة اشهر في قطاع غزة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلا، وتقوم امريكا بالطبع بتسخير آلتها العسكرية لصالح دولة العدو الصهيوني برا وبحرا وجوا لمواجهة العزل وقتل اكبر عدد من سكان القطاع.
عدا عن ذلك كانت هناك العديد من الاصوات التي تدعو الى التهدئة منع جماعة الحوثي في اليمن السفن الصهيونية من الدخول عبر مضيق باب المندب مما شكل ضربة قاسية في خاصرة الاقتصاد العالمي، عدا عن تأثيراته على الامدادات النفطية العابرة من خلاله، فيما بقيت تربت على كتف العدو الصهيوني الذي يوميا يقوم باغتيالات وعمليات في جنوب لبنان كي يستثير حزب الله هناك والذي يرد عليه ليزيد من رقعة الحرب، والان التهديدات المتبادلة مع ايران عقب اغتيال رئيس مكتب حماس اسماعيل هنية في طهران.
في كل بركان ثائر فوهته تنفث نارا عظيمة في اي مكان حول العالم لابد من ان تجد وراءه من يغذي هذه النار ولابد ان تكون الولايات المتحدة التي ترى انها لازلت القوى العظمى سياسيا واقتصاديا، رغم انها بدأت فعليا بالدخول في حالة ركود اقتصادي، وللاسف سيكون صدى صوته مدويا على الصعيد العالمي، خاصة لتلك الدول المعتمدة على الولايات المتحدة، عدا عن ان سياساتها في المناطق المختلفة حول العالم اشاعت حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين الذين بدأو بالفعل للتوجه نحو الملاذ الآمن للحفاظ على مكتساباتهم المالية وهو الذهب، مع تجنب او تخفيض التفكير في الاستثمار وبالتالي تخفيض الطلب على الطاقة او التشغيل وغيره، ليدخل اكثر من ثلاثة ارباع العالم في نفس نفق الركود الذي دخلته الولايات المتحدة.
إلى متى ستبقى السياسة الامريكية تجاه العالم بهذا الشكل والى متى تبقى الاستجابة لرغبات واشنطن والانقياد لها بمثل هذا المستوى من التبعية التي اورثت الكثير من الدول حول العالم الوهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي.