لم يكن متوقعا اختيار القائد يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي خلفا للشهيد اسماعيل هنية الزعيم التاريخي الثاني لحركة حماس.
وطرحت أسماء : خالد مشعل وموسى ابو مرزوق، وهما يمثلان تيار الاعتدال « البرغماتي « في الحركة والقيادي خليل الحية مسؤول العلاقات العربية والاسلامية في الحركة، ونائب رئيس الحركة في غزة « يحيى السنوار». وخيار السنوار بقي مستبعدا وغير متوقع، وجاءت التعليقات من مصادر قريبة وبعيدة عن حركة حماس، تقول ان الظروف الحالية لا تسمح لتولي يحيى السنوار هذه المسؤولية السياسية.
وقرار اختيار السنوار « قائد معركتي سيف القدس وطوفان الاقصى « بمثابة رد على اغتيال القائد اسماعيل هنية، وتبديد تكتيكي لمفاعيل وأثار عملية الاغتيال.
وما بعد 2010، وما يسمى الربيع العربي.. احتدم في حركة حماس خلاف بين جناحين : جناح اراد ربط مصير الحركة والقضية الفلسطينية في جماعة الاخوان المسلمين ومخططهم اقليميا وعربيا، وجناج كان اقرب الى المقاومة ومحورها العربي و اولويته تحرير فلسطين. ونجح هنية والسنوار والعاروري والحية في انقاذ حماس وابعادها عن المشروع الاخواني ووكلائه في الاقليم، واعادوا الحركة الى مشروعها الوطني النضالي والكفاحي. وفي حقبة ما بعد 2016 تطور الكفاح المسلح بالتخطيط والادوات والعدة والعتاد، واختراق العدو، وكانت عمليتا سيف القدس وطوفان الاقصى تتويجا لخبرات وتراكم نضالي غير شكل المعركة والمواجهة مع العدو الاسرائيلي.
واختيار السنوار جاء ردا على اعتقادات سادت لدى المؤسستين العسكرية والسياسية الاسرائيلية بعد عملية اغتيال هنية، وانها سوف تساهم في اعادة هندسة قيادة حركة حماس، واختيار شخصية سياسية من قياديي الخارج، وكان مدى الرهان موزعا بين خالد مشعل وموسى ابو مرزوق.
وفي «قرار حماس» باختيار السنوار رفع لمستوى التحدي بعد اغتيال هنية، وفتح الطريق امام الزعيم التاريخي الثالث للحركة. وقطع الطريق امام اي محاولات لاختيار شخصية سياسية اقل جذرية واكثر لينا، وقد تفتح الباب لافكار وتسويات تتلاعب في معركة « طوفان الاقصى «، وتماسك الحركة ومتانة وصلابة بيئة المقاومة في غزة، وعلاقة حركة حماس بمحور المقاومة ومرجعياتها.
السنوار، اسمه اقترن بعملية طوفان الاقصى. والشعب الفلسطيني رغم الابادة في غزة، فهم مؤمنون بان «طوفان الاقصى» منعت المشروع الامريكي والاسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية، وكما اعادتها لتكون قضية العالم الاولى، واخرجت من طي النسيان والتجاهل على المستوى الدولي. وفي البنية التنظيمية لحركة حماس، فان رئاسة المكتب السياسي في حركة حماس يوازي رئاسة الحكومة في دولة الاحتلال. وعندما تختار حماس السنوار، فهي تعبر عن رسالة، وتريد ابلاغها لاعلى المستويات في دولة الاحتلال وحلفائها بانها لن تستسلم او تتراجع، وتخفض من حدة الضغوطات والتأثيرات الاقليمية على قرار حركة حماس، وان مربط الفرس سيكون في يد السنوار، والقرار يأتي من انفاق غزة سياسيا وعسكريا.
حرب غزة، وفي تصاعدها، فانها وصلت الى مرحلة استحقاقات كبرى وحاسمة. ولا مجال الى التراجع والدوران الى مربع يساوم على منجز المقاومة والصمود العسكري في غزة وتضحيات الشعب الفلسطيني.
اختيار السنوار كان صادما لقادة الحرب في تل ابيب. واختيار العدو الاول لاسرائيل ليكون في اعلى منصب في الحركة. وذلك تأكيد على ان حماس لن تستسلم ولن تتراجع، وانها قادرة على مواصلة الحرب لاربعة اعوام اخرى.