زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - حتى اللحظة رغم مرور نحو أسبوع على تدشين الحملات الانتخابية الدعائية في المدن الأردنية تحضيراً لانتخابات 10 أيلول/سبتمبر المهمة، تطرح بعض الأوساط السياسية رأياً مرجحاً لعدم إجراء تلك الانتخابات إذا ما توسع الصراع العسكري إقليمياً في المنطقة ودول الجوار، وتطلب إعلان حالة طوارئ.
يبرز مثل هذا الرأي ويطل برأسه في الأردن هنا أو هناك رغم كل المؤشرات الرسمية والإجرائية والسياسية والإدارية التي تفيد بأن الانتخابات ستجري في كل حال، وأنها جارية حتماً باعتبارها المحطة الأولى في تطبيقات برنامج وثيقة ومسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد. ويحاجج البعض في مثل هذه الاجتهادات التي يمكن تصنيفها باعتبارها محاولات إعاقة لبرنامج مقرر.
وبعيداً عن سيناريو لا يبدو واقعياً، إلا إذا أصبحت الظروف بسبب الحرب استثنائية في الإقليم، يمكن القول إن الملاحظات التي تؤكدها غالبية المراقبين هي التي ترصد مؤشرات حيوية على «لا مبالاة» على مستوى أفقي، بين قطاعات وشرائح المجتمع بسلطة البرلمان أو بالتمثيل أو حتى بالمسار الديمقراطي والتحديثي برمته.
مخاوف مبكرة
وهي إشكالية تبرز حقاً في النقاشات السياسية، ويعتقد على نطاق واسع بأن جدل المال الانتخابي ساهم أساساً في تفعيلها، كما فعل أيضاً جدل القوائم الحزبية داخل الهيئات الحزبية حيث تجاذبات وخلافات وأحياناً انسحابات على خلفية غياب الشفافية عن عملية اختيار المرشحين في عدد لا يستهان به من الأحزاب.
المخاوف مبكرة في هذه الحال من «ثقافية سلبية» تنتج عن حالة عزوف عن المشاركة في الانتخابات تعكس سلبية المجتمع إلى حد كبير.
ولعل القلق من «نسبة المشاركة» تطال طيفاً واسعاً حتى من الأحزاب الموجودة الآن، بما في ذلك حزب جبهة العمل الإسلامي، حيث اضطر مؤخراً المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد عضايلة، وللمرة الثالثة على التوالي، لطرح نداء يدعو المواطنين للمشاركة بكثافة في الاقتراع يوم 10 أيلول تحت عناوين «حماية الوطن» ومنع «التدخل» بالعملية الانتخابية.
تحضيراً للاقتراع في 10 أيلول ووسط أجواء التصعيد وطبول الحرب
لم يعرف بعد ما إذا كانت نداءات العضايلة تؤتي ثمارها، بمعنى تزيد من نسبة المواطنين المؤمنة بالمشاركة أو تعزل أصحاب الأفكار السلبية، لكن المعروف أن توجيه خطابات «إخوانية» متكررة بهذا المعنى مؤشر على وجود «فتور محتمل» في الشرائح الاجتماعية حتى عند أوساط الحركة الإسلامية.
ومن المرجح أن بعض مراكز الاستطلاع القريبة من دوائر القرار الرسمية بدأت تشكل ملامح وانطباعات عن نسب مشاركة ضعيفة على الأقل في بعض المدن الكبرى في البلاد بالانتخابات المقبلة.
والمأمول طبعاً الآن حتى في دعائيات الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات، هو حث المواطنين خصوصاً في مدن التجمعات السكانية الضخمة، على المشاركة في الاقتراع والذهاب للصناديق، الأمر الذي يعكسه انشغال خلايا الظل الموجهة فعلاً بمسألة العزوف أو رفع نسبة المشاركة.
ورغم أن الوقت مبكر للحكم على الأرقام ونسب المشاركة، فإن سؤال العزوف الانتخابي على المستوى الشعبي يمكن تلمسه حتى من وجوه وحديث وإيحاءات قادة الأحزاب الوسطية الكبيرة التي تشارك في الانتخابات وحتى من بعض مرشحي ومفاتيح عمل انتخابي تابعين للحركة الإسلامية.
يتحدث مختصون اليوم عن صعوبات في إنتاج مساحة حماسة واضحة الملامح تدفع من يشتغلون في العملية الانتخابية للتحرك، وبدأت في عمان ظاهرة الإعلان عن افتتاح مقرات المرشحين وسط حالة حائرة من الاندماج والتمييز ما بين المرشح المحلي والمرشح الحزبي بسبب اختلاط الكثير من الأوراق والاعتبارات الانتخابية، إلا أن نسبة المشاركة من الملفات التي تشغل غالبية دوائر القرار والتي لديها تصور بأن مشاركة التيار الإسلامي بكثافة في الانتخابات المقبلة تضمن حداً أكبر من التنافس والصراع الإيجابي. حاجة الانتخابات عموماً ملموسة للإطار الذي يلمح له الإسلاميون وهم يتصورون بأن خزانهم التصويتي قد يصل إلى نحو 15٪ من عدد الأصوات المسيسة التي تشارك في الاقتراع، والفكرة أن مشاركة الإسلاميين ضرورية لهذا الغرض أيضاً.
نسبة افتراضية
وتلك نسبة افتراضية حتى الآن تضمن حضوراً مكثفاً لبعض قواعد الحركة الإسلامية في اتجاه مراكز الاقتراع وصناديقها، إلا أن الإسلاميين أنفسهم يعانون من بعض الإشكالات مع إقناع كوادرهم بالتحمس والعمل في ملف التحضير للانتخابات بحماسة.
حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض، لم يعرض يافطات ولم يقدم شعارات حتى الآن، ويقف عند حدود بعض الأشرطة الفيلمية على منصات التواصل الاجتماعي، خلافاً لأن القوائم التي اختارها حزب الجبهة يبدو أنها لا تمثل أقاليم أساسية للحركة الإسلامية في بعض المدن الكبيرة مثل عمان والزرقاء.
ما يعاني منه الآن أكثر الأحزاب تنظيماً في البلاد يمكن تلمسه في أحزاب أخرى مع تواتر الأنباء عن انسحابات أو انشقاقات أو حالات حرد جراء اختيار القوائم الانتخابية التي أصبحت الآن قانونية وقطعية ومسجلة ومن الصعب التراجع عنها. عملياً، يؤثر ذلك في مساري الفتور والحماس، وإن كان بناء تصورات عميقة الآن بخصوص العزوف والمشاركة هو خطوة متعجلة وغير مبررة أو مبكرة؛ لأن الأسابيع الثلاثة المتبقية على يوم الانتخابات كفيلة بشحن طاقة المشاركة الإيجابية.
«القدس العربي»