عدد الأردنيين من أصل أحد عشر مليون شخص يعيش في الأردن، يصل تقريبا الى سبعة ملايين ونصف، ومن بين هؤلاء يتوجه مليون وستمائة ألف شخص للمدارس الحكومية.
مليون وستمائة ألف شخص داوموا يوم الاحد في المدارس الحكومية وحدها، والاحد بعد المقبل يتوجه قرابة ستمائة ألف طالب مدرسة الى المدارس الخاصة، اي ان العدد الاجمالي للطلبة في المدارس الحكومية والخاصة يتجاوز مليونين ومائتين وعشرين الف طالب، اي ان ثلث الأردنيين طلبة مدارس، ويضاف الى ما سبق عدد طلبة الجامعات الحكومية والخاصة في الأردن الذي قد يصل الى ثلاثمائة وثلاثين ألف طالب، وبطبيعة الحال هناك نسبة غير مرتفعة من غير الأردنيين في المدارس والجامعات، والكتلة الغالبة هي من الأردنيين بشكل واضح ومحدد، وقد يصححني المسؤولون حول الأرقام الدقيقة للعام الدراسي الجديد 2024 بعد ان يتم تحديث الارقام، على اساس قبولات المدارس والجامعات بشكل نهائي خلال الفترة المقبلة.
هذه نسبة توجب على كل اركان القرار في الدولة ترك كل الملفات في ايديهم، والاجتماع ليس من اجل خفضها، بل لدراسة الواقع والمستقبل، فأنت تتحدث عن حاجتك لملايين الوظائف خلال العقدين المقبلين، سواء كنت جامعيا، او لم تكمل تعليمك في ظل اقتصاد ضعيف، ونحن بحاجة إلى ان نبتكر منذ اليوم انماط تعليم جديدة، ليس لفلترة هؤلاء او عدم نجاحهم بل لفتح آفاق مختلفة امامهم، فهذه هي ثروتك البشرية التي بحاجة الى استثمار اوسع، وبحاجة الى دعم مالي للقطاع، وللعاملين فيه، وللطلبة ذاتهم، حتى لا نصحو بعد عقدين وبيننا ملايين العاطلين عن العمل، خصوصا، ان هذا الاستثمار قابل للربح والتفوق والنجاح، اذا تمكنا من اعادة صياغة التعليم ذاته ومنتجاته، ونحن نغرق منذ هذه الايام، في طين الركود وتكدس الخريجين، والتكرار المؤذي.
نحن نتحدث عن التعليم من الصف الاول الابتدائي، وقبله وما بعده، وانتقال الضعف الجيني في التعليم المدرسي الى الجامعات، بما يفرض اعادة قراءة لكل المشهد بكل تفاصيله، بعيدا عن النظرية التي تقول ان اغلبهم غير جدير بالاستمرار، ويتوجب ان يتوجهوا الى المهن الحرفية، وهذا الكلام على الرغم من صحته جزئيا، الا ان المهن الحرفية تتعرض لتغييرات جذرية ايضا، ولم تعد مثل فترات سابقة، بما يعني ان اعادة انتاج التعليم بكل مراحله بما فيها الحرفي والجامعي، بحاجة الى خبراء وورش عمل وقرارات استراتيجية، حتى لا نستثمر في المجهول.
اعتبار عملية التعليم عملية ميكانيكية، في المدارس والجامعات، دون التنبه الى المناهج وانماط التعليم واوضاع المؤسسات التعليمية، بما فيها المدارس، والجامعات المدينة، واوضاع الهيئات التعليمية والادارية، وطبيعة التعليم ذاته، في المدارس، وطبيعة التخصصات الجامعية، سيقود الى نتائج غير متوقعة، والذي يفكر قليلا في ارقام الطلبة في المدارس والجامعات، يدرك ان هذه هي عمود ارتكاز الأردن الاساسي، في ظل متغيرات جارفة على مستويات التعليم في كل مكان.
يسرك الرقم المرتفع فهذا شعب مندفع نحو التعليم، ويقبض صدرك الرقم من جهة ثانية، حين تستبصر مستقبلهم، في ظل ثبات ذات طريقتنا في جدولة كل شيء نحو الغد، وما بعد الغد.