ما قبل معاهدات السلام العربية الإسرائيلية ظل الأردن على أطول خطوط المواجهة مع العدو الإسرائيلي حيث امتدت الحدود المشتركة إلى 309 كم مع الاردن، مقارنة مع مصر 208 كم، سوريا 83كم، ولبنان 79 كم، وشكلت هذه الحدود نقاط توتر سياسي وامني منذ العام 1967، بما تحمله من مخاطر بنيت بالدرجة الأساس على سلوك الكيان الاسرائيلي الذي يمارس الاستفزاز عبر هذه الحدود، وكانت الحرب غير المعلنة وشهدت العديد من الاشتباكات والمواجهات لعل أبرزها حرب الكرامة 1968، والتي شكلت حاجز ردع نفسي امام اطماع جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي حاول عدة مرات مطاردة الفصائل الفلسطينية وتهديد أمن الأردن.
حدة السلوك الإسرائيلي انتقلت الى مستوى اخر تجاه الاردن بعد اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية في عام 1994، قد توصف بالاقل حدة إلا أنها -اي السلوك الإسرائيلي- لم ينتهي أو يتوقف خصوصا وأن المسجد الأقصى المبارك والقدس هما ركيزة أساسية في الصراع، والمقدسات الاسلامية والمسيحية هما بموجب معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية تضمنت بنودًا تتعلق بالقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة. هذه البنود تعكس الدور الخاص الذي يلعبه الأردن في حماية والإشراف على المقدسات الإسلامية في القدس، خاصة المسجد الأقصى.
اعترفت المعاهدة بالدور الأردني الخاص في رعاية وحماية المقدسات الإسلامية في القدس. هذا الدور الذي ينطلق من عدة أطر دينية وتاريخية وتأتي في إطار «الوصاية الهاشمية» التي كانت تُمارَس تاريخيًا من قبل الأردن، منذ أن كانت القدس الشرقية تحت الإدارة الأردنية بين عامي 1948 و1967، وتعهدت إسرائيل في المعاهدة بأنها ستحترم هذا الدور الخاص للأردن وستعطيه الأولوية في أي مفاوضات مستقبلية تتعلق بمستقبل القدس، وبخاصة فيما يتعلق بالمقدسات الإسلامية في المدينة، وشددت المعاهدة على أهمية الحفاظ على الوضع القائم (status quo) في الأماكن المقدسة، مما يعني أن الترتيبات التقليدية التي تحكم إدارة الأماكن المقدسة يجب أن تُحترم دون تغيير، وقد نصت المعاهدة على أن كلا البلدين يجب أن يعملوا معًا من أجل حماية الأماكن المقدسة واحترام قدسيتها ومنع أي انتهاكات يمكن أن تؤدي إلى توترات دينية.
ورغم كل البنود المتعلقة بالقدس والمقدسات في المعاهدة والتي تمثل ركنا أساسيا ومهما في تثبيت الدور الأردني التاريخي في حماية هذه المواقع الحساسة لكن العلاقة ظلت متوترة و معقدة، حيث شهدت القدس فترات من التوترات نتيجة الإجراءات الإسرائيلية لتغيير الوضع القائم، وهجمات قطعان المستوطنين والعبث في قدسية بيت المقدس وأحياء واجزاء كبيرة من القدس عبر سياسات الاستيطان وتهويد المدينة.
سلوك العداء الإسرائيلي امتد في محطات عديدة نحو المساس بسيادة الأردن ومحاولات العبث بأمن الأردن وإثارة الفتن، كما امتد إلى الاخلال ببنود معاهدات السلام. والاتفاقيات ومنها اتفاقية المياه التي تستخدمها إسرائيل اليوم ورقة ضاغطة على الأردن الدولة والموقف، ومن ذلك ايضا الحرب الإلكترونية التي تستهدف الأمن المجتمعي والاقتصادي وزعزعة ثقة المواطن وثقة المستثمر وثقة جهات التمويل بالأردن الراسخ المتين، والقائم على أسس متينة والحفاظ على بنيان الدولة المنجز، مطلب من كل من انضوى تحت مظلة الدولة الأردنية على تفاوت المسؤولية.