جميع وسائل الإعلام خير وبركة، لكني أستميح القراء الكرام عذرا بالانحياز مسبقا إلى نوعية خاصة من المحتويات غير المثيرة في الصحافة التقليدية والجديدة.
لحكمة لا تخفى على المرشحين والناخبين، مضى وقت المناظرات وحتى الخطابات والبيانات الانتخابية، غدا الثلاثاء اليوم الكبير. غدا يوم الاقتراع حيث يتحول ما في الرؤوس والصدور إلى قرار ملموس يفضي إلى مجلس النواب الذي ندعمه جميعا قبل ظهور نتائج المتنافسين على ثقتنا، فنجاح هذا الجناح من السلطة التشريعية إلى جانب «مجلس الملك»، مجلس الأعيان، هو نجاح لنا جميعا، أيا كانت الحكومة راهنة أم المقبلة.
الوقت الآن -فيما تبقى من الأربع وعشرين ساعة- هو للمساعدة على صفاء الذهن. للصمت الانتخابي حكمة تكمن في أهمية تهدئة هذه الأفكار والآراء والمشاعر وحتى القناعات بما فيها العقائد، تهدئتها بما يتيح للنفس أن تكون مطمئنة إلى حكمها وهو أمانة نساءل عليها بين يدي الديان سبحانه رب العالمين أجمعين، في أننا قد اخترنا خيرة الخيرة عونا وسندا للوطن الغالي والعرش المفدى.
صيغة القسم تكاد تكون واحدة موحدة في جوهرها، لا فرق بين الأردنيين إن أدوا القسم مدنيا أم عسكريا، قضاة أم أعيانا أم نوابا أم وزراء، البوصلة والرسالة بيّنة لا تحتمل الفرقة ولا القسمة تحت أي مسمى كان.
المأمول أمران بالنسبة للمرشح والناخب، وأبدأ بالمقترعين فهذا يشملهم أجمعين. المأمول ليس بأقل من أعلى نسب المشاركة كما وكيفا بمعنى الوصول إلى صورة تفرحنا وطنيا في إدراك أهمية ما نحن بصدده بالنسبة للحاضر والمستقبل في سائر أرجاء المملكة وجميع المواطنيين الأردنيين بكل ما يمثلون في تنوعهم وتعدديتهم التي لا تزيد الوطن إلا عراقة وثراء وجمالا وبهاء. لا عذر لقاعد إلا إن اختار بعد الصمت الانتخابي الصمت المطلق والأبدي. لا حق عمليا «أخلاقيا» في الاعتراض أو حتى الامتعاض إن كان من يملك الحق بالتغيير متقاعسا لا يرقى إلى مستوى تحمل مسؤولة تغيير ما يريد إلى ما يصبو إليه. من أراد التغيير يصنعه بكل ما أوتي من أسباب القوة، قوة الحق والخير، قوة الدستور والقوانين المرعية. والأسبق والأبقى قوة العرف الذي هو في العالم كله أقوى من القانون. العرف، تراث تراكمي روحي اجتماعي بناه الأجداد وحماه الآباء ويصونه الأبناء بعون الله. لست من المغرمين جدا بتوصيف «العرس الديموقراطي» لإصرار البعض على ربطه بالولائم والمظاهر الاحتفالية، ولا ضير في ذلك ما دام الأمر قائما على الإعداد لفرح وطني كبير كلنا فيها «مْعَزْبين»، بحيث نصير -غدا وبعد غد- جميعنا غانمين، بصرف النظر عن النتائج.
في برامج الإذاعة والتلفزيون كانت وما زالت بعض البرامج التي يكون فيه الحديث بلسان أردني فصيح صحيح لا عوج فيه. بدلا من المحاضرة والمناظرة، تكون «تعليلة» الأهل والجيران والأصحاب والأحباب، «نسولف مع بعض» وليس لبعض ولا عن بعض.. كلام يكون من القلب للقلب، على «بساط أحمدي»، يتهيّأ فيه الناس للمشاركة في الاقتراع أولا، ومن ثم اختيار من توسموا فيهم خيرا.