طرح إنساني سياسي يتسم بالواقعية، والوضوح والتنفيذ على أرض الواقع، وضعته جلالة الملكة رانيا بجرأة القول وواقعية التطبيق، خلال كلمة لجلالتها أمس الأول، في الدورة الخمسين من منتدى أمبروسيتي في سيرنوبيو بإيطاليا، أمام عدد كبير من صناع القرار ورجال الفكر والسياسة والإعلام من إيطاليا والعالم، ليحضر التشخيص والحل على طاولة واحدة أمام العالم تحديدا ممن يصرون على تجاهل ما يحدث في الأراضي الفلسطينية ومن حرب على الأهل في غزة بدأت بعنف وتمضي بالأعنف .
بكل وضوح، وضعت جلالة الملكة أمس الأول تفاصيل ما لا يراه عدد من دول العالم من فشل للإنسانية في غزة، وقالت جلالتها «تستحق شعوب العالم نظاماً عالمياً يمكنها الوثوق فيه – خالٍ من التعصب والثغرات الأخلاقية والبقع العمياء»، هو التشخيص الحقيقي حدّ المكاشفة، فما يحتاجه العالم اليوم غياب التعصب والثغرات اللاأخلاقية والبقع العمياء، لا نبالغ إذا ما قلنا إنه الوصف الأكثر حسما بما يدور في العالم اليوم من حرب على الإنسانية ومبادئها بأعلى درجات الانتهاك، لتضع جلالتها العالم أمام هذه الحقيقة بل وتحثّ المجتمع الدولي أن يولي جانب تطبيق القوانين الدولية اهتمام التطبيق.
ولم تبق جلالة الملكة رانيا الحقيقة مجتزأة، إنما وضعت الحلول بطرح واضح للخروج من مأزق الحرب على غزة، بعدما قدّمت جلالتها شرحا عن ما يعانيه أهل غزة، وتحديدا الأطفال، بصورة تبدو بها مزاجية تطبيق القوانين بأضخم صورها في غزة، لتكتمل الحقيقة في طرح جلالتها بوضعها مبادئ أساسية غير قابلة للجدل يمكن أن تمثل «أساساً مشتركاً من أجل سلام مشترك دائم وعادل، مؤكدة ضرورة أن يسود القانون الدولي دون استثناء، وأنه «لا يمكن تحقيق السلام من خلال إجبار الطرف الأضعف على قبول شروط غير متكافئة. فللفلسطينيين كما للإسرائيليين حق متساو في الأمن وتقرير المصير»، هي كلمة الحق كاملة وضعتها الملكة رانيا أمام عدد كبير من صانعي القرار العالمي، دون انتقاص بل ودون تهميش، فالفلسطيني له حق من الأمن وتقرير المصير، وفي تطبيق ذلك حتما سنصل لنهاية النفق المظلم بواحة واسعة من العدالة للجميع.
جلالة الملكة شددت على أهمية أن تسود العدالة، وكذلك على ضرورة المساءلة، ذلك أن نقيضها وفقا لجلالتها «هو الإفلات من العقاب، وذلك الشعور بالحصانة لا يُولد بين ليلة وضحاها»، كلمات بحجم حاجة الأهل في غزة لإنهاء حرب قاربت بأيامها العام، ففي العدالة وتطبيق القانون الدولي وأن يكون السلام شاملا، كونه لطرف دون الآخر ليس سلاما، كل هذا رؤية عملية للخروج من نفق الحرب المظلم، فمن غير المنطق أن تحرص إسرائيل على سلامة مواطنيها، وذلك من خلال وعبر حرمان الفلسطينيين من حقهم في ذلك، ودون أدنى شك في تطبيق هذا الجانب سلام يبحث كثيرون عن دربه، ففي إحقاق الحق قطع درب كامل من الجري وراء سراب السلام، دون رؤى عملية تجعل من السلام حقيقة ومن الحرب استثناء.
وفي رؤية نحو المستقبل، قالت جلالتها «يجب حظر الأصوات شديدة التطرف من المشاركة في الحوار»، و»لا يمكن للمستقبل أن يكون رهينة لأولئك الذين يدعون للمجاعة والإبادة والتهجير الجماعي... الذين يُشِيدون بالعقاب الجماعي ويدافعون عما لا يُعقل تبريره.»، فللحقيقة وجه واحد في حديث جلالة الملكة ففي تطبيق القوانين الدولية ومنح الفلسطينيين العدالة وحماية حياتهم، وإسكات أصوات المشيدين بالعقاب الجماعي، والداعين للإبادة والتهجير الجماعي، هو وجه الحقيقة وبوصلتنا للخروج من نفق حرب استمرت لأكثر من 11 شهرا، فهي فلسطين التي تحتاج اليوم عدلا وإنصافا حكت تفاصيله الملكة بوضوح، وبلغة واضحة أمام العالم ولصنّاع القرار بعدد من دول العالم.