رغم كل التحديات، وما بين تشاؤم البعض، والإفراط في تفاؤل البعض الآخر، أسفرت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية 2024 للمجلس النيابي الـ20 والتي شكّلت - النسبة - تحدّيا لهذه الانتخابات لاعتبارات عديدة منها : التوقيت والظروف الجيوسياسية، والمزاج العام، وقناعات الناخبين بالمرشحين، والتخوّف من بدايات التجربة الحزبية.. وغير ذلك من تحديات، الاّ أنّ نسبة المشاركة النهائية يمكننا أن نصفها بأنها كانت: (منطقية - معقولة - بل جيّدة).
الأرقام الأولية ونسب المقترعين في كافة دوائر المملكة يمكن قراءتها على النحو التالي:
1 - نسبة المشاركة العامة (الاقتراع )في العملية الانتخابية - والتي تجاوزت 32 %- زادت على نسبة الاقتراع في انتخابات 2020، رغم زيادة عدد من يحقّ لهم الانتخاب بأكثر من مليون شخص، ورغم أحقيّة نحو نصف مليون ممن يحق لهم الانتخاب للمرّة الأولى، الأمر الذي كان من الممكن أن يخفّض النسبة العامة للمشاركة الانتخابية، إلاّ أنّ نسبة المقترعين وأعدادهم زادت على أعداد ونسب المقترعين في انتخابات 2020.
2 - العبء الكبير للمساهمة في رفع أو خفض نسبة المشاركة كان يقع على كاهل الأحزاب التي تخوض تجربتها الأولى بانتخابات حزبية تشكّل باكورة إفرازات منظومة التحديث السياسي العملية،.. أقول على كاهل الأحزاب، لأنها المعنية بإثبات قدرتها على حشد أكبر عدد ممكن من المؤمنين والمقتنعين بها «أشخاصا وبرامج ورؤى مستقبلية».. وبهذه النسبة النهائية المعلنة يمكن أن نقول، إن الأحزاب - رغم قصر مدة تأسيس معظمها - نجحت بإقناع نسبة كبيرة من الناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع. والاستطلاعات السريعة التي تمت يوم أمس (راصد) مع أعداد كبيرة من المقترعين أظهرت أن نسبة 82 % صوّتوا للدائرتين (العامة / الحزبية - والمحلية) وأن نحو 14 % صوّتوا للدائرة المحلية فقط، وأن 4 % صوّتوا للدائرة العامة / الحزبية فقط.. وأظهرت دراسة أخرى سابقة بأن 73 % سيذهبون للصناديق بدافع التصويت للأحزاب (بمعنى أنه لولا الأحزاب فلربما كانت نسبة المشاركة أقل من انتخابات 2020).
3 - بالاضافة إلى الأحزاب فقد كان لـ «الكوتات» خصوصًا «المرأة / في الدوائر المحلية» دور كبير في احتدام المنافسة وتوجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع، إضافة إلى احتدام المنافسة على كوتة «المقعد المسيحي»، وكوتة «المقعد الشركسي والشيشاني».. والمنافسة على الكوتات كانت شديدة بين القوائم لأن الفوز بها يمنح القائمة فرصة الفوز بأكثر من مقعد خصوصا بعد اشتراط توزيع «العتبة» على 3 قوائم على الأقل.
4 - دور الأحزاب لم يقتصر بالتنافس على الـ(41) مقعدًا للدائرة العامة / الحزبية، بل امتد للتنافس على المقاعد الـ(97) المخصصة للدوائر المحلية، والدليل أن هناك قرابة 1050 مترشحا حزبيا تنافسوا على الدوائر المحلية والعامة.
5 - لا زلنا نعاني من تدنّي نسب المشاركة - وهذا تاريخيا وليس حصرًا على انتخابات 2024 - في:
أ)- نسبة مشاركة الإناث في (الاقتراع ) - والتي هي دائما أقل من نسبة مشاركة الذكور - لا تتناسب أبدًا مع تفوقها بنسبة الناخبين عن الناخبين الذكور.
ب)- تدني نسبة المقترعين في دوائر المحافظات الكبرى (عمّان وإربد والزرقاء) قياسا بباقي الدوائر الانتخابية في عموم المملكة.
ج)- تدني نسبة المقترعين في دائرة عمّان الثانية (جزء كبير منها كان الثالثة سابقا) وربما بسبب أنها الدائرة الأكبر في عدد من يحق لهم الانتخاب.
*باختصار: ما جرى يوم أمس نستطيع تلخيصه بالنقاط التالية:
1 - نجح الأردن في التحدي، ونظّم انتخابات بتوجيهات ملكية سامية تؤكد - كما دائما- بأنّ الأردن دولة راسخة قوية في وجه كل التحديات والظروف الجيوسياسية.
2 - نجحت «الهيئة المستقلة للانتخاب» بكافة طواقمها، والحكومة بكافة وزاراتها المعنية وكوادرها بدعم الهيئة وتمكينها من النجاح بمهمتها.
3 - نجحت الأجهزة الأمنية كعادتها دائما بحفظ الأمن ومنع التجاوزات.
4 - نجح الإعلام بالترويج والإرشاد والتغطية والمتابعة والمراقبة.
5 - ما ذكرناه تمّ تحت أعين جهات رقابية دولية في مقدمتها بعثة الاتحاد الأوروبي.. وهي شهادات نفخر بها لأنها تؤكد المؤكد بأنّ الأردن دولة راسخة ذات منعة وصلابة وقادرة دائما على تحويل التحديات إلى فرص.
* بكل الأحوال نقول: مبارك لمن: تم الإعلان عن فوزهم.. ولمن أظهرت النتائج الأولية تقدمهم.. ولمن ضمنوا فوزهم من الأحزاب بعد احتساب «مجاميع الأصوات» و«العتبة».. بانتظار اكتمال «احتساب الكسور» و «الكوتات» وإعلان كامل النتائج رسمياً يوم غد الخميس.
- مبارك للأردن.. مبارك للفائزين.