ردت دولة جنوب إفريقيا على محاولات المستعمرة الإسرائيلية بإعاقة الطلب المقدم إلى محكمة العدل الدولية، حول القتل المتعمد والتدمير المقصود الذي قارفته المستعمرة وجيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة، وذلك عبر مطالبة المستعمرة للكونغرس الأميركي في التدخل وممارسة ضغوطه السياسية والاقتصادية، لتعطيل مبادرة جنوب إفريقيا، ودفعها نحو التراجع عن خيارها ضد المستعمرة عبر القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، والعمل على عدم إصدار قرار الإدانة لجرائم المستعمرة المستمرة المعلنة.
جنوب إفريقيا ردت على المطالبة الإسرائيلية، ببيان صادر عن رئاسة الجمهورية يؤكد أنها ستواصل خيارها وتعتزم تقديم مذكرتها إلى المحكمة خلال شهر تشرين أول أكتوبر 2024، متضمنة ما لديها من وقائع وأدلة على جرائم المستعمرة بارتكاب جريمة «الإبادة الجماعية»، وأنها ستواصل الجهد والعمل حتى يتسنى للمحكمة إصدار حكمها بشأن القضية التي قدمتها ورفعتها الكيب تاون.
جنوب إفريقيا كانت المبادرة نحو التقدم إلى محكمة العدل الدولية، وهو إجراء كان يفترض أن تقوم به العديد من الدول العربية والإسلامية، ولكنها تعرف أن ذلك سيصطدم بالموقف الأميركي مما قد يُعرضها لأذى واشنطن المعهود، فآثرت الصمت والتهرب من هذا الإجراء القانوني المتاح.
إصرار جنوب إفريقيا وشجاعتها نحو الانحياز والتضامن مع شعب فلسطين لإدراكها أن ما يعانيه الشعب الفلسطيني ويواجهه مثيل لما كان يعانيه شعب جنوب إفريقيا وأكثر، فآثرت الانحياز لقناعاتها والتمسك بتراث شعبها الكفاحي، ووقوفها في الخندق المتصادم مع الاستعمار ومعاييره وسلوكه الإجرامي الذي تجسده المستعمرة الإسرائيلية، ناقلة أفعال الدول الاستعمارية بحق شعوب بلدان العالم الثالث في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
إصرار جنوب إفريقيا وشجاعتها وإصرارها دفع العديد من البلدان لتنضم إلى جنوب إفريقيا وتشاركها الدعوة، وهي نيكاراجوا وتركيا وإسبانيا والمكسيك وليبيا وكولومبيا، مما يدلل على حجم عدالة وأهمية ما بادرت له جنوب إفريقيا، وتأكيداً على حجم المعاناة التي واجهت شعب فلسطين ولا يزال.
نضال الشعب الفلسطيني يسير بشكل تدريجي متعدد المراحل، ويزداد تعاطف ودعم وتأييد شعوب العالم لقضية فلسطين، كلما زادت معاناة الفلسطينيين الذين صمدوا على أرض وطنهم وأحبطوا مشاريع المستعمرة في طردهم وتشريدهم عن أرض بلادهم، إذ بقي أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني على كامل أرض فلسطين مما يُعيق ويُحبط مشروع «الدولة اليهودية»، النقية على كامل أرض فلسطين، حيث فشلت إستراتيجياً في طرد كامل الفلسطينيين عن وطنهم، وما فعلته في قطاع غزة طوال الأشهر الماضية، بلغ حداً لا يُحتمل، ومع ذلك صمد أهالي قطاع غزة، رغم الجوع والدمار وفقدان مقومات الحياة الطبيعية، كما صمدت المقاومة إلى الآن، وحولت صدامها إلى عمليات استنزاف لقوات المستعمرة، خاصة بعد فشل كل جهود الوساطة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وباتت معركة غزة طويلة، لا أفق أمامها بالتوقف حيث تسعى المستعمرة لبقاء احتلالها بهدف إنهاء المقاومة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون عملية تبادل.
معركة غزة لن تتوقف، لأن كليهما لم يصل إلى الهزيمة أو الانتصار، فالمستعمرة فشلت في تحقيق أهدافها، والمقاومة لم تتمكن إلى الآن من فرض: 1- وقف إطلاق النار، 2- تبادل الأسرى، 3- انسحاب إسرائيلي من كامل قطاع غزة.
المعركة مستمرة بالمدى المنظور امتدادا للسنوات الطويلة من صدام المقاومة ضد الاحتلال.