انتهت الانتخابات النيابية 2024، لانتخاب المجلس النيابي العشرين، ولمخرجاتها أكثر من قراءة، وأكثر من تحليل، ولا يمكن إغفال عنصر المفاجأة من بعضها، وتواضع الحضور الحزبي في جزء منها، ولكن ليوم العاشر من أيلول الحالي عنوان واحد يلخّص حالة أردنية صنعها الأردنيون وإن كان بنسبة أيضا متواضعة، لكنهم تمكنوا من تحقيق نجاح واضح في إجراء الانتخابات بمظلة من التشريعات الهامة، خطة تنفيذية إشرافيه إدارية من الهيئة المستقلة للانتخاب نموذجية.
في نتائج الانتخابات، ربما تستوقفنا الكثير من التفاصيل، وكما وصف البعض الانتخابات بأنها بمثابة استفتاء لنجاح العمل الحزبي، و»بروفا» للأحزاب الجديدة وحتى القديمة منها التي صوّبت أوضاعها بموجب قانون الأحزاب الجديد، أدّت بالإطار العام أداء إيجابيا ولكن وفقا للنتائج يبدو أن التجربة ما تزال تحتاج مزيدا من العمل والبحث و»الدراسة» وصولا لتغيير قناعات ومفاهيم المواطنين من الأحزاب، ومنحهم ثقة بأن المشهد الحزبي اليوم أصبح أكثر نضجا وأكثر إيجابية والأهم لم يعد خطا أحمر الدخول بتفاصيله ليس بالضرورة كعضو حزبي، إنما كداعم لبرامجه، ما يجعل من خارطة طريق الأحزاب تحتاج رؤى مختلفة وأدوات تجعلها أكثر حضورا في الحياة السياسية بشكل عام وفي الانتخابات القادمة بشكل خاص.
الثورة البيضاء التي مورست يوم العاشر من أيلول الحالي، ألحقت انتصارا ضخما للديمقراطية الأردنية، ونجاحا لمشروع التحديث السياسي، فيما ألحقت لا أريد القول خسائر، إنما هي سلبيات في جزء من تفاصيل الانتخابات وتحديدا في جانبها بعملية الاقتراع للأحزاب، ولكن في ذلك درس بل دروس بالاعتماد على نهج جديد في «التكتيك» الانتخابي، كذلك وقعت سلبيات على حضور المرأة التي منحها قانون الانتخاب دفعة هامة لتتسع دائرة حضورها لكن للأسف لم يتحقق ذلك كمرشحة ولا كناخب، فكانت متواضعة الحضور في الجانبين، وهذا أيضا يحتاج وقفات بحثية وخططا مختلفة لتجاوز هذه السلبية التي للأسف ما تزال تدور بذات الدائرة المغلقة.
وبدا واضحا تكرار غياب عمّان العاصمة عن العملية الانتخابية بقوة، لتبقى من أقل المحافظات في المملكة تصويتا، وقد أكدت الهيئة المستقلة للانتخاب على تكرار هذا الأمر في انتخابات 2024، كما في دورات سابقة، ما يفرض أن يُدرس هذا الجانب بشكل أكثر عمقا وبحثا، للوصول لحلول تجعل من حضور ناخبيها في الانتخابات المقبلة أكثر عددا وتفاعلا.
كما أسلفت لست في محل لتحليل انتخابات 2024 التي حقيقة تحتاج عشرات الدراسات والتحليلات، لكنها قراءة لجوانب برزت بشكل كبير خلال هذه الانتخابات، التي يجب التأكيد أن الأردن نجح في إجراء الانتخابات في وقت تتسارع به الأحداث السلبية والاضطرابات من حوله، واتجهت بعض الآراء بالقول إنه ليس وقتا مناسبا لإجراء الانتخابات، ناهيك عن مستجدات هذه الانتخابات، ما يجعل من الانتخابات انجازا وطنيا حقيقيا، وحتما تم تسجيل العشرات من النجاحات في كافة الإجراءات الانتخابية، وفي مخرجات الانتخابات ففي وجود 10 أحزاب بالمجلس النيابي من أصل 38 حزبا، خاض منها 36 حزبا الانتخابات على القائمة العامة واثنان على «المحلية» هو رقم يؤشر لقادم جيد يحتاج عملا لكنه واعد بالأفضل، لتكون الصورة بمجملها إيجابية وتعد بمزيد من الأفضل.