لا تزال إسرائيل تتحدى العالم والقرارات الدولية والمبادرات والوساطات بعد إنكشاف أمرها في حرب غزة والتي دخلتها دون تخطيط وأهداف مسبقة وكان هدفها الرئيسي والذي إتضح لاحقا هو تصفية وقتل الشعب الفلسطيني ومحاولة تهجيره والذي تجاوز عدد الشهداء والجرحى والمفقودين في غزة 150 ألف وتدمير 90% من منازل أهل غزة جزئيا او كليا، وقد فضح الأمر القادة العسكريين في إسرائيل في خلافهم مع القادة السياسيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والذي ورط جيشه في هذه الحرب بدون وضع اهداف محددة ،لأن هدفه الرئيسي هو المحافظة على كرسيه وبناء مستقبل سياسي له في أسرائيل وقد تجاهل نصائح قادته العسكريين لا وبل إختلف معهم في أمور كثيرة أدت في النهاية لعدم تمكنه من حسم معركته التي أوهم شعبه والعالم بأنه يقاتل من أجلها،وتبين للعالم بأنه يحاول تصفية القضية الفلسطينية، وقام بالإختباء خلف العباءة الأمريكية للمحافظة على زخم عملياته العسكرية التي تستهدف المدنيين، وليس هذا فحسب بل قام بإحراج حلفائه الأمريكيين والتطاول عليهم في مواقف كثيرة، ومما زاد الأمر سوءا وتعقيدا هو قيام نتنياهو في العمليات العسكرية في شمال الضفة الغربية ،حيث تبين للعالم بأسره بأن أهدافه وأهداف الحزب اليميني المتطرف الداعم له هو نقل تجربة غزة للضفة الغربية ،وذلك بجعل المناطق التي يسكنها الفلسطينيين في الضفة الغربية غير صالحة للسكن ومحاولة ترهيب وقتل وأسر وتهجير الفلسطينيين من وطنهم كما يفعل في غزة، وهذه الأفعال تشير إلى أن الحرب ستبقى مشتعلة في غزة والضفة الغربية حتى يحقق أهدافه هذه.
إن أي تطبيع مستقبلي مع دول الإقليم لن يكون بهذه السهولة التي تفكر فيها إسرائيل، لأن ما رأته هذه الدول من همجية إسرائيلية ومحاربة القيم الإنسانية سيثير مخاوف شعوب وقادة دول الجوار والإقليم من التغول الإسرائيلي عليهم في المستقبل ولن يكون التعامل في المجالات الإقتصادية للمنفعة المشتركة، ولا ننسى في هذا المجال تغول الإعلام الإسرائيلي وتسخير كل وسائل التكنولوجيا لقلب الحقائق وتشويه صورة الفلسطينيين.
لا شك إن إستمرار إسرائيل على هذا النهج سيزيد من عزلتها إقليميا ودوليا، ولن تنعم بالأمن الذي تنشده ولا بالإزدهار الإقتصادي الذي تخطط له،ما لم تتوقف على الفور عن ما تقوم بعه في غزة والضفة الغربية وذلك بالضغط الداخلي الإسرائيلي من قبل الأحزاب والشعب لإسقاط هذه الحكومة،وتشكيل حكومة جديدة تخلو من اليمين المتطرف ،لفتح الأفق السياسي الذي سدته حكومة نتنياهو،والتوصل مع الفلسطينيين الى حل يضمن قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .
الخبير والمحلل الإستراتيجي والإقتصادي
المهندس مهند عباس حدادين