زاد الاردن الاخباري -
في الوقت الذي كشف فيه وزير الزراعة خالد حنيفات عن توجه أردني لإنتاج لقاح للحمى القلاعية، برزت تساؤلات حول إمكانية تحقيق ذلك، فيما يميل خبراء ومختصون في مجال الثروة الحيوانية وأطباء بيطريون إلى تأكيد هذه القدرة، شرط أن يكون التصنيع من العترات الموجودة في الأردن نفسها، وفي هذه الحالة سيكون اللقاح أكثر فاعلية وسيحد من انتشار الأوبئة الحيوانية.
في المقابل يرى خبراء آخرون، أنه وقبل إنتاج اللقاح الآمن والفعال لمرض الحمى القلاعية محليا، يجب الأخذ بالاعتبار نقطتين مهمتين، أولاهما إصدار شهادة من جهة مرجعية مثل منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) أو المنظمة العالمية للصحة الحيوانية تؤكد أن اللقاح يحقق أدنى الشروط المتعارف والمتفق عليها عالمياً، وثانيهما ضرورة إرسال عترات اللقاح إلى المختبر المرجعي "بير برايتو"، وذلك لإصدار تقارير تثبت مطابقة العترات الموجودة باللقاح مع العترات التي تم عزلها في الأردن والمناطق المجاورة.
وكان وزير الزراعة خالد الحنيفات أكد خلال لقائه ممثل المنظمة العالمية للصحة الحيوانية، أحمد المجالي، ومدير عام شركة المركز الأردني للصناعات البيولوجية (جوفاك) رعد عبد الدايم، أنه تم بحث المرحلة الزمنية لإنتاج لقاح الحمى القلاعية من قبل "جوفاك".
وأضاف إن لقاح الحمى القلاعية دخل في مرحلة الإنتاج التجريبي محليا، وإن النتائج التي أجريت على الحيونات تشير إلى أن اللقاح ذو فاعلية عالية ونقاوة تعادل منتجات كبرى الشركات.
وفي هذا الصدد، قال نائب نقيب الأطباء البيطريين د غضنفر أبو زنيد، إن مصانع الأدوية واللقاحات البيطرية الأردنية تتمتع بسمعة رائدة في المنطقة، وإن المنتجات المصنعة أردنيا تحظى بثقه مربي الثروة الحيوانية.
وأضاف أبو زنيد بأن الأردن ومنذ أكثر من خمسة وعشرين عاما يصدر إنتاج اللقاحات لأكثر من ثلاثين دولة، تشمل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وشرق وغرب آسيا وأوروبا الشرقية، ومن ضمن هذه الدول من تملك مصانع لإنتاج اللقاحات، مشيرا إلى أن المملكة تصنّع لقاحات مختلفة للدواجن والأبقار والأغنام والجمال معتمدة من المنظمات الدولية، كما تنتج العديد من اللقاحات للأمراض الفيروسية والبكتيرية.
وأشار إلى وجود مصنع وحيد للقاحات البيطرية الأردنية، فضلا عن وجود استثمار جديد لمصنع لقاحات قيد الإنشاء ليكون رافدا للسوق الأردني والأسواق الخارجية.
وعن إمكانية نجاح إنتاج لقاح للحمى القلاعية، أوضح أبو زنيد أن الأردن يملك خبرات أكاديمية وتصنيعية ومختبرات ومركز أبحاث، مؤكدا "أننا سنرى هذا اللقاح في أسواقنا العربية، وأبعد من ذلك، ليكون الأردن مركزاً للأمن الحيوي في المنطقة".
بدوره بين الطبيب البيطري إبراهيم العواودة أن الأردن يعمل على إيجاد مُنتج مُصنّع محليا يلبي الطلب الكبير والمستمر على لقاح مهم جداً كلقاح الحمى القلاعية، ذلك أنّ مرض الحمى القلاعية يسبب خسائر اقتصادية كبيرة للمزارعين والاقتصاد الوطني.
وأضاف العواودة أنه لدى انتشار جائحة كورونا (كوفيد -19)، استدعى الأمر وجود لقاح لإيقاف انتشار هذا المرض، واستجابة لذلك قام العديد من الشركات بإنتاج لقاحات مضادة له، لكن منظمة الصحة العالمية لم تعتمد سوى القليل من تلك اللقاحات، ورفضت بعضها بسبب عدم مأمونية اللقاح أو عدم قدرته على الحماية.
وقال إنه ولكي نتمكن من القول بأننا أنتجنا لقاحًا آمنًا وفعالاً لمرض "القلاعية" فيجب أن ننظر إلى سلسلة من النقاط، أهمها وجوب إصدار شهادة من جهة مرجعية مثل منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) أو المنظمة العالمية لصحة الحيوان تؤكد أن اللقاح يحقق أدنى الشروط المتفق عليها عالمياً، إضافة إلى إرسال عترات اللقاح إلى المختبر المرجعي (بير برايتو) لإصدار تقارير تثبت مطابقة العترات الموجودة باللقاح مع نظيرتها التي تم عزلها في الأردن والمناطق المجاورة.
وأكد أن نشر التجارب الحقلية على موقع علمي معتمد من جهة علمية معتمدة، يثبت مأمونية اللقاح وفعاليته ومدة الحماية.
وأضاف: "يجب أن يحتوي اللقاح على جميع العترات التي تصيب الحيوانات في الأردن والدول المجاورة، فضلا عن ضرورة إجراء فحص المطابقة بشكل دوري ومستمر وذلك لأن العترة المعزولة محليًا المطابقة اليوم قد لا تكون مطابقة بعد فترة، نظرا لقدرة الفايروس على إحداث طفرة وتغيير شكله من حين لآخر".
وأكد أن الكلمة الفصل دائمًا هي للمختبر المرجعي المحايد لإجراء فحوصات المطابقة والثباتية والنقاوة، ومن غير المقبول اعتماد نتائج مخبرية صادرة عن مختبر غير محايد أو يعود للشركة الصانعة.
من جهته، قال مدير مديرية البيطرة والصحة الحيوانية في وزارة الزراعة سابقا وخبير صحة الحيوان الدكتور محمود الحناتلة، إن عملية إنتاج لقاح الحمى القلاعية محليا يمكن أن ينجح عندما يكون التصنيع محلياً ومن العترات نفسها الموجودة في البلد، حيث سيكون اللقاح أكثر فاعلية.
وأضاف الحناتلة: "إن أحد أسباب عدم انتشار الأوبئة الحيوانية في الأردن هو وجود لقاحات في متناول اليد، ولنا تجارب عديدة في ذلك، حيث كان لوجود لقاح الجدري محلياً عام 2013 أثر كبير في التصدي لجائحة التهاب الجلد العقدي في الأبقار في ذلك الوقت، ومنع توطنه في الأردن".
فيما بين الدكتور البيطري محمد عبابنة أن عملية إنتاج لقاح محلي للحمى القلاعية أصعب وأعقد من أن تنتجه شركة أردنية، مبينا أن الشركات التي تنتجه في العالم هي ثلاث إلى أربع شركات فقط.
وكشف عبابنة عن أنه يوجد لقاح مصري للحمى القلاعية لكن بعد تجربته تبين أنه ليس فعالا، ولذلك من الصعب أن يتم إنتاجه محليا، إلا إذا تم استيراده على أن يكون لدينا مصنع للتعبئة والتغليف فقط، مشددا على أن الموضوع "معقد"، مستغربا التصريحات التي تشير إلى أنه سيتم إنتاجه خلال سنتين فقط.