ليس مهنيا ربما، ان نكتب عنوانا أطول من المقالة نفسها، لكن في متن المقالة نضيف على العنوان .. ونتيجة عدم الوفاء للأردن دولة ونظاما وشعبا.. الخ قائمة التقصير، التي أصبحت منهج عمل اليوم بالنسبة لكثيرين تعددت ألوان «بناطيلهم» القصيرة اعني «الشورتات»، بعد أن توارت «الصلعات» تحت مزارع من الشعر الأسود الصناعي.
سيبقى الأردن بخير ما دام فيه تلاميذ مخلصون في مدارس الزعامات العشائرية النبيلة النظيفة، أمثال مدرسة المرحوم الشيخ غانم الزريقات، وأمس الأول حللنا «معازيب» في منزل «أبو غانم»، الشيخ عبدالله غانم الزريقات، الذي ما زال وفيا في حمل لواء النُّبل الأردني، والوفاء والولاء للأردن قيادة هاشمية وشعبا عزيزا حرا كريما وأرضا طهورا.. وقفز الحديث عن نتائج الانتخابات فوق كل حديث.
الحاضرون جميعا، أشخاص محترمون مقدرون، وهذا أمر طبيعي حين نتحدث عن مثل هذه المنازل الأردنية، فضيوفها ومعازيبها هم خيرة الأهل والعشيرة، والحديث منهم ومعهم يعبر عن الملامح الرئيسية لخطاب الدولة الأردنية، وتحت مظلته كل الآراء تنطلق لغاية وطنية واحدة، وهي رفعة الأردن وسلامته وأجندته ووجوده.
الذي يجب أن أقوله هنا هو جزء من رأيي الشخصي، وقراءتي لنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، وقبلها وبعدها نتائج تفاعل الناس مع الشأن العام..
أولا: لا يوجد لا جهة سياسية ولا حزبا ولا أي كيان يمكن أن نعتبره ندا حقيقيا للدولة والنظام الأردني الراسخ، الذي تجاوز بنجاح كل الاختبارات الدولية والإقليمية والمحلية بنجاح، وما زال يحافظ على مشروعه القيادي الكبير، ولا يوجد في نتائج الانتخابات ما يثير القلق، فمنازعة الدولة والنظام على حيازة «الشعبوية» فكرة لا مكان لها اليوم في ذهن الدولة، ولا يمكن أن تتقزم دولة بهذا التاريخ والدور لتنافس جهات على ركوب أمواج الشعبوية، فالدولة «بعمقها» الحصيف، تحمل ملفات ثقيلة، لا تحتملها لا مكاتب ولا أدراج حزب، والمنطقة كلها تقع في أتون اختبار سياسي اقتصادي أمني اجتماعي كبير، ولا يمكن أن تتخلى عن واجبها ودورها لتنزلق لنزاعات سياسية صغيرة.
ثانيا: كل الأحداث والسياسات التي تتعامل معها الدولة ومنذ ما قبل الانتخابات بكثير، تؤكد وجود فراغ ما، وكنا وما زلنا نحذر من اتساعه، لأنه وبحكم الفيزياء قبل السياسة سيجد من يملأه، وطبيعي جدا أن يكون للشعبوية وخطابها الحظ الأوفر في ملء هذا الفراغ، وليست لجنة تحديث المنظومة السياسية هي المسؤولة عن إيجاد هذا الفراغ، بل هو شطط الخطاب، وابتعاده عن الواقع، واستغلال عواطف الناس قبل تنوير عقولهم، التي لو أتيح لها الاختيار، فلن تختار غير طريق الدولة ورؤيتها كبديل، وذلك لو نالت حظها وحقها من التنوير، وليس من التعبئة الآنية المتطايرة التي تخدم قلة قليلة ولا تخدم دولة.
وبكلام آخر:
الدولة أذكى من أن تقع في خطأ حسابات في موضوع نتائج انتخابات نيابية، والدستور أكثر منعة مما يعتقد بعضنا، فمثل هذا الحديث عن خطر وخطأ في تقديرات الدولة، غير صحيح، وقد يكون الصواب بعينه، فالدولة يجب أن يكون لديها عدة اوراق وخيارات سياسية، ما دامت تقع في عين العواصف الدولية والإقليمية، وأتون الحسابات السياسية المعقدة.
الإعلام الوطني هو سلاح الدولة الذي لا بديل عنه، ويجب أن يجاري الحدث ولا يأتي متأخرا، فيتحول دوره من قيادي تنويري ليصبح «تقيويا» ومحاصرا في زاوية انفعالية عاطفية، لا مجال فيها إلا «للفزعات»، ولا مساحة لحمل خطاب استراتيجي «تكتيكي سياسي»، يجنب الدولة والمجتمع الزوايا الحادة والاختبارات الجانبية الفائضة عن كل الحاجات.