في ظل تسلمه لمهامه كرئيس مكلف للحكومة، يواجه الدكتور جعفر حسان اختباراً صعبا أمام ملفات شائكة أثرت كثيرا على المملكة، والتي تشمل المديونية والبطالة وملف المياه والأمن الغذائي، وعليه يُطرح السؤال المحوري: هل يمتلك حسان القدرة على النجاح في إدارة هذه الملفات الصعبة وإقناع مجلس النواب على ادارتها ونيل ثقتهم كونهم التركيبة الأصعب منذ أكثر من ثلاثة عقود؟
أبرز هذه الملفات هي تزايد مستويات الدين العام بشكل يثير القلق، حيث تجاوزت الحدود الحمراء ما يضع الاقتصاد تحت ضغط هائل، ويعكس هذا الأمر حجم التحديات التي ستواجه حكومة حسان في إدارتها للموارد المالية، وسيكون من الضروري تبني إستراتيجيات شاملة ومبتكرة لإعادة الهيكلة المالية، وتحقيق نمو اقتصادي يدعم الاستدامة المالية. فهل يتمكن رئيس الوزراء المكلف من تقديم حلول واقعية تتجاوز الحلول التقليدية وتعيد التوازن إلى الميزانية العامة؟
في ملف البطالة، فإن المملكة تعاني من معدلات بطالة مرتفعة، لا سيما بين الشباب، ونجاح حسان في معالجة هذه الأزمة يتطلب إستراتيجيات مدروسة تشمل تعزيز الاستثمار في القطاعات الحيوية، وتحسين برامج التدريب والتوظيف، فهل ستتمكن الحكومة الجديدة من إحداث تحول إيجابي في سوق العمل وتوفير فرص عمل ملموسة، أم ستظل البطالة عقبة أمام التقدم الاجتماعي؟
بالانتقال إلى الملف، والذي ربما يكون الأكثر صعوبة أردنيا، وهو ملف المياه، فإنه يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه الأردن، فنحن نعيش في منطقة جافة، ما يضرنا إلى اجتراح حلول فعالة لضمان استدامة الموارد المائية. سيحتاج رئيس الوزراء المكلف إلى تقديم استراتيجيات مبتكرة تشمل تحسين إدارة المياه وتعزيز مشاريع التحلية وتطوير تقنيات إعادة استخدام المياه، ويكون السؤال هنا، هل ستنجح الحكومة الجديدة في معالجة هذه الأزمة الحادة بشكل جاد وفعال، أم ستستمر مشكلة المياه في التأثير على حياة المواطنين؟
أما ملف الأمن الغذائي الذي هو عنصر أساسي لضمان استقرار المجتمع ورفاهيته، ومع ارتفاع أسعار الغذاء وتزايد الضغوط على القطاع الزراعي، يتطلب الأمر استراتيجيات دعم قوية لزيادة الإنتاج المحلي وتعزيز سلاسل التوريد، فهل ستتمكن الحكومة من تطوير سياسات تضمن استمرارية الإمدادات الغذائية بأسعار معقولة، أم ستظل التحديات في هذا القطاع تهدد الأمن الغذائي الوطني؟
كل تلك الملفات وغيرها تحتاج لتخطي العقبة الأولى، وهي نيل الثقة من مجلس النواب، فالمهمة ليست سهلة في ظل تركيبة مجلس النواب الحالي، الذي يشتمل على تنوع في الآراء وتباين في التوجهات. ستحتاج الحكومة الجديدة إلى بناء علاقات قوية مع النواب والأحزاب، وتقديم خطط واضحة وشفافة لمعالجة الأزمات، فهل سيتمكن حسان من إقناع المجلس ببرنامجه، أم ستواجه حكومته معارضة قوية تؤثر على استقرارها؟
في النهاية تواجه حكومة الدكتور جعفر حسان اختباراً مصيرياً يتطلب منها التعامل بفعالية مع الملفات الأكثر تعقيداً في تاريخ الأردن الحديث، والنجاح في هذه المهمة سيعتمد على قدرة الحكومة على تقديم حلول واقعية وشاملة، وبناء علاقات قوية مع مجلس النواب والشعب، في ظل التحديات الكبيرة. ويبقى التساؤل قائماً: هل ستنجح الحكومة في إدارة هذه الملفات الصعبة، أم ستظل العقبات تحول دون تحقيق استقرار وتنمية مستدامة؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة عن هذا التساؤل.