يقول أحد الخبراء الأمنيين انه لولا وجود الخونة والعملاء والتدخل البشري المباشر في لبنان لما تمت عملية تفجير اجهزة البيجرز في لبنان، ويقول آخر أنه لولا العملاء والخونة في غزة أو في الضفة الغربية لما تمكنت اسرائيل من قصف سيارة او بيت او الاستدلال على شخص مطلوب....ويرى البعض أن هناك مبالغة متعمدة في تضخيم صورة الخونة والعملاء والجواسيس في غزة وفي الضفة في محاولة من اسرائيل لتغطية صورة الشهادة والمقاومة وخفض الروح المعنوية لدى المقاتلين الفلسطينيين.
الخونة والعملاء في عالمنا العربي كثيرون جدا، فقد كانوا في الماضي، وهم موجودون في الحاضر، وسوف يضلون موجودين في عالمنا العربي والاسلامي حتى قيام الساعة، وهذا هو الجانب المظلم في تاريخ امتنا....والخيانة حقيقة فعل حقير مهما كانت الدوافع والاسباب، وهي سبة على جبين مرتكبيها مهما مر الزمن، ولا استطيع أن اتصور مشاعر الجاسوس الذي يرى الدمار والقتل يحل في كل مكان في وطنه وبين أبناء وطنه، ولا ترف له رمشة عين.
ويحاول البعض ايجاد مبررات لهؤلاء الخونة والعملاء بأن اكثرهم فقراء لايجدون قوت يومهم ويضطرون للعمالة والخيانة ويحملون الأنظمة والحكومات المسؤولية كاملة في ايصال هؤلاء لهذا المستوى من النذالة والانحطاط في سبيل تأمين لقمة عيشهم.
ومن اشهر الخونة في التاريخ القديم والمعاصر، "يهوذا الإسخريوطي" التلميذ الذي خان يسوع المسيح وسلمه لليهود مقابل ثلاثين قطعة من الفضة و"ابو رغال" الذي ساعد ابرهة الأشرم الحبشي في محاولته الفاشلة لهدم الكعبة حتى صار رمزا للخيانة، ومنهم ايضا "ابن العلقمي" وزير الخليفة المستعصم بالله الذي كان يراسل القائد المغولي سرا ويطالبه باحتلال بغداد. ولا ننسى "بروتس" الذي فاجأ صديقه يوليوس قيصر بطعنة قاتلة غادرة من ظهره، فنظر قيصر خلفه ليرى وجه قاتله، فاذا به بروتس اعز الناس الى قلبه، فقال قولته الشهيرة: حتى انت يابروتس ليصبح هذا القول رمزا للخيانة في كل مكان وزمان.
ومن اشهر العملاء والجواسيس العرب وغير العرب المعاصرين، "يعقوب حنا المصري" الذي جند عددا من النصارى المصريين واصطف مع نابليون بونابرت ليساهم في إذلال وقهر المصريين، ومحمد ابراهيم المسلط الضابط العراقي الذي ارشد الامريكان ودلهم على مكان تواجد الشهيد صدام حسين...... ولا يمكن أن ننسى ايلي كوهين اليهودي من اشهر الجواسيس الذين تغلغلوا بين كبار القادة العسكريين السوريين وقدم لاسرائيل خدمات جليلة من الجبهة السورية، واعدمته السلطات السورية بعد أن اكتشفت أمره.
ان ظاهرة انتشار العملاء والخونة تتزايد بشكل ملحوظ، واخطر هؤلاء العملاء والخونة هم المؤثرون في بعض المواقع الرسمية ورجالات الاعلام والاقتصاد الذين يخلون بالامانة إخلالا مقصودا ومتعمدا ويساهمون في ضعف المواجهة أمام أعداء الأمة في كل مكان وزمان.
وفي ضوء ماسبق، لابد لأجهزة المخابرات العربية ان تتدخل بقوة لكبح جماح هؤلاء العملاء والخونة على الساحات الوطنية كافة، فهم سبب هام جدا وكبير من اسباب الهزائم العربية وإغتيال القيادات العربية الوطنية في كل مكان وفي كل مكان.
ويبقى السؤال المحير الآخر قائما: لماذا لا تستطيع الدول والانظمة العربية تجنيد ولو جاسوسا اسرائيليا واحدا؟!...... وربما كانت قصة الجاسوس المصري رأفت الهجان ليست حقيقية بل من نسج الخيال.