زاد الاردن الاخباري -
رعى جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم الأحد الاحتفال الديني الكبير الذي أقامته اللجنة الوطنية للاحتفال بالمناسبات الدينية في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بمسجد الشهيد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة.
وألقى وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور عبدالسلام العبادي كلمة في الحفل الذي حضره عدد من أصحاب السمو الأمراء أكد فيها أهمية هذه الذكرى العطرة في تاريخ الأمة الإسلامية، وقال إن "حدث الهجرة النبوية العظيمة يشكل نبعا يفيض بمعاني التضحية والاقتداء كما انه يوجهنا إلى مستلزمات التقدم وإعلاء البناء على مستوى الوطن والأمة".
وأضاف إننا نستذكر في كل عام مواقف هذه المناسبة الجليلة وأحداثها ونستعرض عبرها وعظاتها، ونستلهم منها أهمية التربية والإعداد والتخطيط في بناء الإنسان والمجتمع، وضرورات تحقيق التنمية الشاملة، وترابط المجتمع وتماسكه والوعي التام الحاضر في مواجهة الإخطار والتحديات، فبها تم بناء المجتمع الإسلامي الأول على يدي خاتم الرسل والأنبياء.
وقال العبادي أن الهجرة النبوية شكلت مرحلة حاسمة في تاريخ الدعوة انتقلت فيها الأمة من مرحلة الإعداد والتحضير إلى مرحلة البناء والتغيير، فكان هذا الدين العظيم قبل الهجرة حقا بلا قوة ودينا بلا دولة، فإذا به بالهجرة دينا ودولة وحقا وقوة، مما دفع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يختارها مبتدأ للتاريخ الإسلامي لهذه المعاني الكبيرة بعد أن استعرض أحداث أخرى رغم أهميتها البالغة مثل مولد الرسول الأعظم أو بعثته وبدء نزول القرآن الكريم عليه.
وأكد أن هذا الدين العظيم جاء ليصلح الواقع الإنساني بكل أبعاده، مشيرا إلى قوله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وقوله (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين).
واستعرض العبادي في كلمته مرحلة ما قبل الهجرة في مكة المكرمة حيث ظل عليه الصلاة والسلام مشغولاً بإعداد الرجال والنساء الذين سيقوم على أكتافهم بناء المجتمع الإسلامي الأول ، مستمراً في الوقت نفسه بالبحث عن المستقر الذي ستنمو فيه الدعوة وتتحقق فيه الرسالة ويقوم فيه المجتمع: من العرض على القبائل ومن الهجرة إلى الطائف، إلى أن هيّأ الله سبحانه وتعالى بيعة العقبة الأولى والعقبة الثانية التي سميت ببيعة الحرب التي جاء نصها واضحا: (أبايعكم على أن تمنعوني ممَّا تمنعون منه نساءكم وأموالكم وأبناءكم).
ولفت إلى انه جرى الإعداد والتخطيط للهجرة بصورة منقطعة النظير فيحسب الرسول الأعظم في خطته لإنجاح الهجرة لكل شيء حسابه مما يطول شرحه وبيانه؛ فجعل في منامه عليا بن أبي طالب رضي الله عنه ويتوجه إلى الجنوب ويثرب في الشمال ويقيم ثلاثة أيام في غار ثور تعمية للأخبار على قريش، ويرتب أن تأتي أسماء بنت أبي بكر الصديق بالطعام والشراب إلى الغار، ويتفق مع عبدالله بن أبي بكر أن يأتيه بأخبار قريش، كل ذلك لإنجاح خطة الهجرة وبناء الدولة على الوجه الأمثل.
وأشار إلى حرص النبي محمد عليه الصلاة والسلام، لتحقيق المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم.
وأكد العبادي أن الهجرة هدفت لتحقيق رسالة هذا الدين العظيم، لافتا إلى الدلالات الكبيرة والمعاني السامية التي تضمنتها هذه الذكرى العزيزة.
وحضر الاحتفال، رئيس الوزراء، ورئيسا مجلسي الأعيان والنواب، ورئيس المجلس القضائي، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، وعدد من مستشاري جلالة الملك، وقاضي القضاة إمام الحضرة الهاشمية، والوزراء، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، ومدراء الأمن العام والدفاع المدني وقوات الدرك، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والإسلامي.
وألقى المفتي العام للمملكة سماحة الشيخ عبدالكريم الخصاونة كلمة قال فيها إن "الهجرة النبوية الشريفة شكلت بداية تاريخ مجيد مشرق وكانت فاتحة خير للإنسانية جمعاء، حيث بدأ الإسلام يملأ الآفاق ويضيء الدنيا وأحاطت بالمسلمين العزة والقوة والمنعة وخرج الناس من ظلمات الجهل الى نور الهداية الربانية وعمت المعرفة وتحررت النفوس من ذل العبودية الى عبادة الله الواحد الأحد".
وأكد أن مناسبة الهجرة تبقى على مر الأيام والأعوام ذكرى مهمة نستخلص منها الدروس والعبر التي تنفعنا وتضيء طريقنا وتصلح ما فسد من نفوسنا لا سيما إننا نواجه عدوا لدودا وأحقادا ومؤامرات يحيكها عدونا ليفتننا عن ديننا.
وقال الخصاونة أن الرسول الكريم طبق قيم التعاون والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار التي شكلت وثيقة مهمة، وحري بنا أن نسير على نهجها في حياتنا اليومية، حيث أصبحت رابطة الإيمان بفضل هذه المؤاخاة هي التي تحكم سلوكياتهم ومنهاج حياتهم مشيرا الى قوله تعالى (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم انه عزيز حكيم).
وألقت الدكتورة نماء محمد البنا من كلية الشريعة في الجامعة الأردنية كلمة أكدت فيها ان مناسبة الهجرة النبوية الشريفة لم تكن لسبب اللجوء الى الراحة والدعة، وإنما إيمان متدفق من قلب مؤمن كما إنها إقدام وشجاعة.
وقالت لقد كانت الهجرة النبوية الشريفة انتصارا مبينا لهذا الدين الحنيف وتمكن المسلمون بعدها من بناء دولتهم الراسخة، مشيرة إلى التضحيات التي قدمتها النساء خلال مرحلة الهجرة وتأسيس الدولة، حيث تحملن الغربة وقساوة الحياة بشجاعة منقطعة النظير من أمثال الصحابيتين الجليلتين نسيبة بنت كعب المازنية وأم منيع أسماء بنت عمرو.
وألقى الشاعر حيدر محمود قصيدة استذكر فيها التضحيات والدروس والعبر المستقاة من هذه المناسبة العطرة.
وتضمن الاحتفال أناشيد دينية بهذه المناسبة الجليلة ألقتها فرقة أنوار الهدى بالتعاون مع مدارس أبوالقاسم.