لا يكاد يمر يوم دون أن تصدر تحذيرات من الجهات الأمنية، والجهات ذات العلاقة بالعالم الرقمي لأخذ الحيطة والحذر من عمليات احتيال تتم من خلال هذا العالم الافتراضي، حتى البنوك باتت تحذّر بشكل مستمر من عمليات تتم من خلال هذه الوسائل وعلى مستوى دولي، بأنها باتت تجعل من التعامل معها حساسا ويحتاج لمزيد من الحرص والأخذ بها على محمل الحيطة والحذر.
هذا العالم الذي بات حقيقة بل وحاجة وضرورة، وربما فرضته علينا الكثير من الظروف والأحداث، كجائحة كورونا على سبيل المثال التي جعلت من العمل الالكتروني جزءا لا يتجزأ من نهج حياتنا، وواقعنا، ورافق هذا الواقع، حالة من الاستغلال السلبي لهذه الوسائل ممن جعلها وسيلة احتيال ونصب، وذهب البعض لجعلها وسائل سرقة وتسوّل، ومن الخطير أيضا بل الأخطر الهجمات السيبرانية التي طالت عددا كبيرا من المؤسسات الحساسة، وكذلك وصول هذه السلبية لجهة الإعلام وتبادل المعلومات ونشر الإشاعات والأكاذيب، وفي ذلك كله حاجة لوقفة عملية لمراجعة التعامل مع هذا العالم الذي يفرض نفسه علينا وبات دخوله ليس خيارا، لكن في دخوله وقد وضعنا لأنفسنا طريقا آمنا يجعله إيجابيا.
في الإعلام، بات العالم الرقمي أساسا، ولا أؤشر بذلك لوسائل التواصل الاجتماعي مطلقا فهي مؤثّرة وتساهم في نشر المعلومات بسرعة كبيرة، لكنها ليست إعلاما، هي مساعد في النشر فقط، أتحدث هنا عن أشكال الإعلام الرقمي المتعددة وهي بالمناسبة كبيرة ومدرسة مكتبتها واسعة، ما يجعل من التعامل معها يحتاج تعليما خاصا، يقابله تشبّث بالمواثيق الأخلاقية والمعايير المهنية للإعلام، كما أكد وزير الاتصال الحكومي الدكتور محمد المومني بأن «مستقبل الإعلام مرتبط بالالتزام الإعلامي بالمواثيق الأخلاقية، والمعايير المهنية، لضمان أداء الرسالة الإعلامية على أكمل وجه في مواجهة التطورات التكنولوجية المتسارعة على هذا القطاع، إضافة إلى دور الصحفيين والإعلاميين في النهوض بالعمل الإعلامي بما يتماشى مع هذا التطور»، وفي ذلك رؤية عملية لجعل الإعلام في مكان يواكب الجديد ومحصّنا من أي سلبيات قد تطاله او تطال الخطاب الإعلامي الوطني.
في تصنيف الإعلام بين حديث وقديم ونمطي، وتقليدي، وغيرها من التصنيفات والمسميات، طروحات لا غُبار عليها، ولكن على الجميع أن يعي بضرورة وجود تثبيت للمدرسة الإعلامية الوطنية التي تؤكد أن لا أولويات سوى المصلحة الوطنية، وبذلك ضمانة حقيقية لإعلام ناجح يبتعد عن أي أجندات خارجية أو رؤى تغرّد خارج السرب الوطني، أو إشاعات أو أكاذيب، يجب النهوض بالإعلام على أن يوظّف للمعلومة الصحيحة، والحقائق، وأن يكون سياجا للوطن وليس بابا لتمرير ما يضرّ به، أو تتسرب منه الإشاعات، وهذا بالطبع أمانة مطلوبة من كل الصحفيين والإعلاميين على اختلاف تصنيف وسائلهم في نقل المعلومة.
وطالما كانت المعلومة من مصدرها داحضة للإشاعات والأكاذيب، واغتيال الشخصيات وحتى مضادّة لخطاب الكراهية، وهو أيضا ما أكد عليه وزير الاتصال الحكومي الدكتور محمد المومني بأنه على الإعلام «الشفافية والسرعة في إيضاح أي حدث قبل أن يتحول إلى إشاعة»، وفي هذا حسم بجدليات كثيرة تدفع باتجاه النزول بهرم المعلومات في حال لم تتوفر من مصادرها، إذ يذهب البعض حدّ الفرضيات وهذا ما يجعل من قاطرة المعلومة تحيد عن دربها الصحيح.
المرحلة تحتاج الحقيقة.. الحقيقة كاملة، وطالما عُرفت المدرسة الإعلامية الأردنية بأنها ناجحة بل متفوقة بالسلامة الإعلامية والصحفية، وفق أفضل وأعلى درجات الدقة والشفافية والحرية، فهي البلد التي يؤكد بها سيدها جلالة الملك عبد الله الثاني بأن سقف الحريات السماء، ما يجعل من الحريات هي السائد، ودونها استثناء، فلا بد من وضع استخدام آمن لوسائل تبادل المعلومات في مرحلة حساسة، والمصلحة الوطنية وأمن الوطن في ذلك سطر أول وأخير بأي معلومة.