يُعد اغتيال حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، تطوراً مفصلياً قد يُغيّر معادلات الصراع في الشرق الأوسط ، فبغيابه، تُفتح أبواب الاحتمالات كافة، بدءًا من تصعيد عسكري شامل إلى إعادة هيكلة موازين القوى في المنطقة ، و هذا الحدث الذي لطالما خشيت منه الأطراف المتصارعة، قد يحمل تداعيات واسعة على لبنان، إسرائيل، والجوار الإقليمي، خاصة في ظل التوترات المتزايدة والضغوط الداخلية والخارجية التي يواجهها حزب الله ، و
حزب الله بين الضغوط والرد
تأتي هذه اللحظة الحرجة في وقت يُعاني فيه حزب الله من تحديات كبيرة بعد الضربات الإسرائيلية المتتالية التي هزت استقراره الداخلي ، و الوضع الحالي للحزب يُحتّم عليه الرد بشكل حاسم لحماية سمعته ونفوذه، خصوصًا بعد ما تعرضت له وحدات النخبة التابعة له، مثل وحدة الرضوان، من استهداف مباشر من قبل الاستخبارات الإسرائيلية ، و في ظل هذه الضغوط، أصبح الحزب مجبرًا على إعادة حساباته، في وقت تسعى فيه حكومة نتنياهو اليمينية إلى استغلال هذا التصعيد لأهداف سياسية داخلية ، وفي هذا السياق علينا أن نأخذ بعين الاعتبار العملية النوعية للحزب والتي أسهمت في ما نسميه " تصعيد استراتيجي " فالهجوم الأخير على قاعدة "رامات ديفيد" الجوية، الذي يُعتبر ضربة استراتيجية غير مسبوقة، قد غير موازين القوى بشكل كبير ، وهذه القاعدة، التي تُعد واحدة من أهم القواعد الجوية الإسرائيلية، لعبت دورًا رئيسيًا في جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل، بدءًا من حرب 1967 مرورًا بحرب أكتوبر 1973 وصولاً إلى الصراع الحالي مع لبنان وغزة ، واستهدافها يُعدّ رسالة قوية من حزب الله، مفادها أنه على الرغم من التحديات، لا يزال بإمكانه توجيه ضربات نوعية ومؤثرة ، فضلاً عن
الأسلحة المتطورة ، التي احدثت تحول في تكتيكات المواجهة ، ولعل استخدم حزب الله في هجومه الأخير صواريخ "فادي1" و"فادي2"، التي تُعد من فئة صواريخ خيبر M220 وM302، وهي صواريخ بعيدة المدى ذات قدرة تدميرية كبيرة. هذه الصواريخ، التي استخدمت لأول مرة منذ بداية الصراع الأخير في غزة، تعكس تغييرًا في تكتيكات الحزب، حيث انتقل من استهداف الأهداف القريبة إلى أهداف استراتيجية في عمق الأراضي المحتلة، مما يُعد نقلة نوعية في سير المواجهة ، وهذا
الاختراق للحدود الجغرافية ، كسر الحواجز التقليدية ، حيث
استطاع حزب الله في هذا الهجوم أن يكسر الحواجز الجغرافية التقليدية للمواجهة مع إسرائيل ، إضافة إلى الضربة التي طالت مدينة حيفا، على بُعد 55 كيلومترًا من الحدود اللبنانية، كانت بمثابة رسالة واضحة بأن الحزب قادر على استهداف العمق الإسرائيلي بشكل لم يشهده الصراع منذ سنوات ، وهذا التصعيد أثار حالة من الهلع بين المستوطنين، حيث دوت صافرات الإنذار في العديد من المستوطنات الإسرائيلية، ما أجبر السكان على اللجوء إلى الملاجئ في مشهد يُعيد للأذهان أزمات الصراعات السابقة ، إلى أن أصبح حزب الله بين التهديدات والفرص ، فعلى الرغم من الضربة التي وجهها حزب الله، فإن الضغوط الداخلية عليه تتزايد ، والخسائر التي تكبدها الحزب، سواء من حيث القيادات أو على المستوى النفسي، تُثير تساؤلات حول مدى قدرته على الاستمرار كلاعب مؤثر في الصراع ، و الاختراقات الأمنية التي شهدتها وحداته مؤخراً، وخاصة في صفوف قياداته، تضع الحزب في موقف حرج، حيث أصبح عليه أن يثبت قدرته على الحفاظ على تماسكه ووجوده في ظل هذا الضغط الهائل ، والتداعيات الإقليمية المحتملة ،
وردود الفعل الإسرائيلية، خاصة من قبل نتنياهو وحكومته، والتي لم تتأخر. فالتصريحات التي صدرت عن القيادة الإسرائيلية أكدت على تحقيق أهداف عسكرية كبيرة وتقويض قدرات حزب الله، ولكن هذا التقليل من شأن الحزب قد يؤدي إلى تصعيد أكبر ، واغتيال حسن نصرالله لا يمر مرور الكرام، إذ يُتوقع أن يسعى الحزب إلى رد قوي يهدف إلى تأكيد حضوره في الساحة، وبالتالي فإن احتمالات اندلاع صراع شامل تبقى قائمة ، وفي المقابل، قد يُفتح باب التفاوض السياسي من جديد كوسيلة لتجنب التصعيد العسكري الشامل ، ومع ذلك، فإن المنطقة بأكملها الآن على حافة الهاوية، حيث يبقى السؤال الأكبر: هل سيتحول هذا الحدث إلى شرارة تشعل حرباً إقليمية واسعة، أم سيفتح المجال لحل سياسي طال انتظاره؟!! وما هو مؤكد أن اغتيال حسن نصرالله يشكل نقطة تحول كبرى، قد تُغيّر وجه الصراع في المنطقة لعقود قادمة ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .