العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تمثل أحد أعمدة السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط ، وهذه العلاقة تعززت بشكل كبير عبر السنوات لتتجاوز مجرد التحالف التقليدي، وصولاً إلى تدخلات عسكرية مباشرة وتخطيط مشترك للعمليات الدفاعية ، وإحدى أحدث الأدلة على هذا التعاون العسكري الوثيق هو نقل الولايات المتحدة لمنظومة الدفاع الجوي المتقدمة "ثاد" إلى إسرائيل، بهدف تعزيز قدرتها على التصدي للتهديدات، خاصة تلك التي قد تنشأ من إيران ، وما يميز هذا التحالف ليس فقط التعاون العسكري والتكنولوجي، بل أيضًا المشاركة الأمريكية المباشرة في الدفاع عن إسرائيل ، إذ إن القوات الأمريكية أصبحت جزءًا أساسيًا من عمليات التصدي للهجمات على الأراضي الإسرائيلية، مما يعكس تكريسًا غير مسبوق للقوة الأمريكية لدعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا ، وفي ظل تصاعد التوترات الإقليمية مع إيران، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو، تلعب دورًا محوريًا في توجيه سياسات الولايات المتحدة في المنطقة ، والإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن تبدو وكأنها تعمل على تعزيز المصالح الإسرائيلية بشكل رئيسي، وتلبية احتياجاتها الاستراتيجية، حتى وإن كان ذلك على حساب توازن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ، وفي هذا السياق، تُثار تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة على اتخاذ قرارات مستقلة عن الضغوط الإسرائيلية ، إذ يرى البعض أن إسرائيل باتت تملي سياساتها على الولايات المتحدة، وأن الأخيرة تقدم دعمًا غير مشروط لها، بغض النظر عن تداعيات ذلك على المنطقة أو العالم ، وعلى الرغم من اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتوقعات بشأن احتمالية عودة دونالد ترامب إلى السلطة، فإن من غير المرجح أن يشهد التحالف الأمريكي-الإسرائيلي أي تغييرات جوهرية ، فالتحالف بين البلدين يتجاوز الشخصيات القيادية، ويعتمد على مصالح استراتيجية عميقة الجذور ، حتى ترامب، الذي يتبنى سياسة "إنهاء الحروب قبل وقوعها"، سيواجه تحديات كبيرة في تعديل هذا المسار، نظراً للروابط القوية التي تجمع البلدين ،ويمكن القول إن العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية، رغم قوتها، تثير الكثير من التساؤلات حول مدى استقلالية القرارات الأمريكية ، هل هي علاقة تحالف استراتيجي أم أن الولايات المتحدة تجد نفسها في كثير من الأحيان تُساق وراء المصالح الإسرائيلية؟ و الإجابة على هذا السؤال قد تحدد مستقبل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لعقود قادمة. ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .