عبد الله توفيق كنعان - اعتادت المجتمعات الانسانية في وقت حلول أعيادها ومناسباتها الاحتفالية التخفيف من مظاهرها ومراسمها، إذا تزامنت مع ألم ومصاب ومعاناة من حولها ممن تعصف بهم الصراعات والتحديات والمناسبات الحزينة، ولكن هذا الشعور الانساني الفطري بات ملغياً في الفكر الصهيوني لتصبح أعيادهم مناخاً استعمارياً يجلب الويلات والقتل والدماء والعدوان، فمتلازمة الاعياد اليهودية هي حالة التضييق الشاملة على أهلنا في فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص، حيث ترتبط الكثير من اعيادهم التلمودية المحرفة بمدينة القدس والمسجد الاقصى المبارك ، ليمارسوا فيها مسيرات وصلوات يحاولون من خلالها التهويد والاسرلة والعبرنة واحلال هوية صهيونية مزعومة بديلاً عن الهوية العربية والاسلامية للمدينة المقدسة.
ويجسد عيد العُرش أو المظلة اليهودي والذي يحتفل به اليهود اليوم في فلسطين المحتلة، نموذجاً عملياً للأعياد الاستعمارية البعيدة في معناها وقيمها عن المفهوم السامي للعيد عند كل الأمم، فبدلاً من السلام والمحبة والطمأنينة يأتي هذا العيد في ظل حرب ابادة جماعية تمارسها اسرائيل( السلطة القائمة بالاحتلال) ضد أهلنا في غزة ومدن الضفة الغربية ومخيماتها وفي لبنان أيضاً، وبشكل تتصاعد معه وتيرة الصراع وبشكل ينذر بحرب دينية تعصف بالاقليم كله، ويرتبط بهذا العيد طقوس استفزازية لمشاعر المسلمين والمسيحيين، من خلال مسيرة المستوطنين بمن فيهم تلاميذ المدارس التلمودية وجماعات الهيكل المزعوم في أزقة مدينة القدس وحتى باحات المسجد الاقصى المبارك، فيما يعرف بمسيرة الحج للهيكل المزعوم، وهي في حقيقتها اقتحامات استعمارية لالاف المستوطنين خلال أيام هذا العيد وبتنظيم من مؤسسة (منهيلت هار هبايت) أي ادارة جبل الهيكل المزعوم، يرافقها النفخ في البوق وحمل القرابين واداء الصلوات بالقرب من باب القطانين والاسباط وتحديداً عند ساحة الغزالي.
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد أن هذه الاعياد اليهودية ليست في حقيقتها سوى بيئة للكراهية والعنف والقتل والابادة، فكيف لعاقل أن يفهم بأن يكون هذا عيد يحتفل به على اشلاء الالاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين والمفقودين وملايين المشردين في غزة ولبنان، وكيف لجندي اسرائيلي يدعي التدين والاخلاق أن يحتفل بالعيد حاملاً قرباناً نباتياً مزعوماً بيد وأخرى يحمل فيها بندقية أو يضغط بها على قذيفة مدفع أو طائرة ليمطر القنابل المحرمة دولياً ليقتل بها الاطفال والنساء والشيوخ ويدمر البيوت والمدن فوق رؤوس أهلها.
وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس ان على الراي العام العالمي الحر الضغط على صناع القرار في العالم، لوقف حرب الابادة الوحشية على اهلنا في فلسطين والقدس ولبنان، ودعوة الدول المنحازة لاسرائيل والمتمسكة بسياسة الكيل بمكيالين النظر بعين العطف والانسانية للشعب الفلسطيني الذي تمارس ضده كل انواع التنكيل والاجرام من قبل حكومة اليمين المتطرفة، وفي وقت يطلق الوزراء الاسرائيليين من ابرز المقتحمين والمحتفلين بالاعياد المزعومة من أمثال بن غفير وسموتريش أشد عبارات الكراهية والمعاداة للانسانية، الى جانب الحاخامات من أمثال الياهو مالي مدير المدرسة التلمودية في مدينة يافا المحتلة الذي دعا إبادة كل سكان قطاع غزة، بمن في ذلك الأطفال والنساء والمسنين.
وتبين اللجنة الملكية لشؤون القدس ان على الاعلام العالمي الحر والمنظمات الانسانية والحقوقية وكافة الاحرار من الكتاب والاعلاميين والمثقفين في ارجاء المعمورة، فضح ممارسات الاحتلال الاسرائيلي وكشف زيف الادعاءات الدينية المزعومة التي يطلقها في اعياد الموت والقتل والتهجير، فالعيد الحقيقي هو الذي يضمن الرحمة والحرية والعدالة المشروعة للمظلومين في فلسطين، ولا شك أن تدنيس المقدسات وفي مقدمتها المسجد الاقصى المبارك والسعي لتقسيمه زمانياً ومكانياً تمهيداً لهدمه واقامة الهيكل المزعوم على انقاضه أمر مرفوض عند كل مسلم في العالم يشكل المسجد الاقصى بالنسبة له عقيدة راسخة، ويؤيد هذا الحق التاريخي والديني الاسلامي قرارات سابقة لعصبة الامم المتحدة ولهيئة الامم المتحدة وتحديداً قرار منظمة اليونسكو عام 2016م المتضمن التاكيد على ان المسجد الاقصى المبارك بمساحته الكلية 144 دونما ملكا اسلاميا خالصا ولا علاقة لليهود به ابداً ويتم تاكيد هذا القرار سنوياً ، وما تمارسه حكومة اليمين الاسرائيلية من مجازر لن يجلب لها السلام والأمن وسيجر المنطقة لحرب دينية لا يمكن التنبؤ بنتائجها، وسيخلق حتماً اجيالاً عربية واسلامية تتمسك بالمقاومة والدفاع عن مقدساتها ووجودها .
وسيبقى الاردن شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس السند والداعم لاهلنا في فلسطين والقدس مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.