تعدّ قضية حزب الله ووضعه في جنوب لبنان من المسائل المثيرة للجدل على الصعيدين الداخلي والإقليمي. تأسس حزب الله كحركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في الثمانينات، وسرعان ما تحول إلى قوة عسكرية وسياسية مؤثرة في لبنان، مما أتاح له دوراً بارزاً في تشكيل السياسة المحلية والخارجية للبلاد. بمرور الوقت، تحوّل حزب الله من مجرد جماعة مسلحة إلى لاعب محوري على الساحة السياسية، معتمداً على ترسانته من الأسلحة وعلاقاته الإقليمية، خصوصاً مع إيران.
لكن ارتباط حزب الله الوثيق بإيران وولاءه لأجنداتها الإقليمية أديا إلى تورط لبنان في صراعات أبعد من حدوده، وفرضت عليه عقوبات دولية زادت من حدة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد. وأدى هذا الولاء إلى عزل لبنان عربياً ودولياً، حيث بات الكثير من اللبنانيين يرون في هذا الولاء سبباً رئيسياً لتدهور الوضع الاقتصادي والأمني، وجعل لبنان ساحة لتصفية حسابات إقليمية.
عربياً، توجد إرادة واضحة للقضاء على نفوذ حزب الله، إذ ترى عدة دول عربية في الحزب تهديداً لأمنها واستقرارها بسبب ارتباطه الوثيق بإيران، وتدخله في شؤون بعض الدول العربية. وتدعو هذه الدول إلى إنهاء هذا النفوذ، وذلك ضمن سعيها لتحقيق توازن إقليمي واستقرار في المنطقة. وتأتي هذه الرؤية ضمن مبادرات عربية تسعى إلى إعادة لبنان إلى محيطه العربي وتحريره من التأثيرات الخارجية التي تعمق أزماته.
في السنوات الأخيرة، تعالت الأصوات الداعية إلى ضرورة نزع سلاح حزب الله أو دمجه في الجيش اللبناني، وذلك لتحقيق سيادة الدولة اللبنانية وتعزيز استقرارها، خصوصاً بعد الأزمات المتكررة التي شهدتها البلاد. ورغم أن الحزب يعتبر أن السلاح هو جزء أساسي من مقاومته، فإن هناك من يرى أن وجود السلاح خارج سيطرة الدولة يمثل تهديداً للاستقرار والأمن في المنطقة، ويعزز احتمالات اندلاع نزاعات أخرى، سواء على الصعيد الداخلي أو مع إسرائيل.
وعلى ضوء هذه التحديات، يبرز تساؤل حول مستقبل الحزب وسلاحه، وهل سيكون الخيار الوحيد لحزب الله هو أن "يدفن" مع سلاحه في الجنوب اللبناني. هذا التعبير يعكس سيناريو محتملاً يربط مستقبل الحزب بقدرة الدولة اللبنانية على استعادة سيادتها الكاملة في الجنوب اللبناني، وإرساء استقرار طويل الأمد، بعيداً عن الصراعات المسلحة.