في خطوة لافتة، دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأحد أقطاب السياسة المتشددة في إسرائيل، يسرائيل كاتس، إلى منصب وزير الدفاع في نوفمبر 2024 ، ويشغل كاتس هذا المنصب بعد تاريخ سياسي طويل تضمن تقلده عدداً من الحقائب الوزارية ، فقد كان سابقاً وزيراً للزراعة والنقل والاستخبارات والطاقة والمالية والخارجية ، وهذا المسار المتنوع يعكس ثقة نتنياهو وحزب الليكود في قدرة كاتس على تحقيق أجندات قومية تحظى بقبول واسع في الداخل الإسرائيلي ، أما عن نشأة كاتس وأصوله وتكوينه الفكري ، فقد وُلد يسرائيل كاتس في عسقلان عام 1955، ونشأ في بيئة متأثرة بالهوية القومية الإسرائيلية، فقد كان والداه من الناجين من الهولوكوست، وهو ما شكّل جزءًا من تصوره الفكري والسياسي ، وانضم كاتس إلى قوات الدفاع الإسرائيلية في لواء المظليين عام 1973، حيث تدرج من جندي إلى قائد فرقة، قبل أن يكمل دراسته في الجامعة العبرية بالقدس ويحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير ، بصفته رئيسًا لاتحاد الطلاب في الثمانينيات، تميّز بمواقفه الحادة، وتعرض للإيقاف لفترة عام لمشاركته في احتجاجات اعتبرها البعض تجاوزاً، حيث حاصر رئيس الجامعة احتجاجاً على سياساته ، وقد
تورط في قضايا خيانة الأمانة ، حيث كان كاتس محط جدل في مارس 2007، حين أوصت الشرطة الإسرائيلية بتوجيه اتهامات ضده تتعلق بالاحتيال وخيانة الأمانة في قضايا تعيينات سياسية أثناء فترة توليه وزارة الزراعة ، ورغم التحقيقات الواسعة واتهامه بتعيين أعضاء حزب الليكود في مناصب عامة، لم تتم مقاضاته رسميًا، مما أثار جدلاً حول الممارسات السياسية في إسرائيل ، ولعل مواقفه السياسية المتشددة ، من أبرز سمات فكر كاتس السياسي معارضته الشديدة لأي حلول سلمية تتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ، فهو لا يرى في فلسطين مكانًا مستقلاً تحت أي ظرف، بل يعتبرها جزءًا من المملكة الأردنية الهاشمية ، وبالنسبة لقطاع غزة، فإن كاتس يفضل ربطه بمصر، معتبرًا أن هذا الحل هو الأنسب لجميع الأطراف في المنطقة ، وهذه الرؤية تُظهر تشدده في رفض الحلول السلمية، واعتماده على منهج تصادمي يكرّس الاحتلال ويوسّع سيطرة إسرائيل ، وعن استراتيجية ضم الضفة الغربية وتوسع السيادة ، يرى كاتس في الضفة الغربية امتدادًا لسيادة إسرائيل، ويؤمن بضرورة الاستمرار في بناء المستوطنات وتكريس الوجود الإسرائيلي هناك ، وهو يعارض بشكل صريح أي انسحاب إسرائيلي من مرتفعات الجولان المحتلة، ويعتبرها جزءاً أساسياً من "الأمن القومي الإسرائيلي" ، وفي عهده بوزارة الدفاع، من المتوقع أن تُعزز هذه السياسات، وتدفع نحو فرض واقع دائم في الأراضي المحتلة، مما يزيد من تعقيدات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، بالتالي يعد تعيين كاتس في هذا المنصب دليلاً على تمسك الحكومة الإسرائيلية بتوجهاتها اليمينية المتشددة، وموقفها الصارم تجاه أي جهود دولية لحل الدولتين ، ومن المتوقع أن ينتهج كاتس سياسة دفاعية تدعم مساعي توسيع سيطرة إسرائيل، وترسيخ الاحتلال القائم، وفرض قيود أكبر على الفلسطينيين، بما يجعل من أي مساعٍ للسلام تحدياً مستقبلياً كبيراً ، لهذا يجسد يسرائيل كاتس واحداً من أكثر الوجوه اليمينية تشدداً في الحكومة الإسرائيلية الحالية، حيث يعكس تعيينه في وزارة الدفاع توجهاً نحو السياسات الأحادية التي تتجاهل القرارات والاتفاقيات الدولية ، بإصراره على ضم الضفة الغربية وفرض السيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى رفضه لإقامة دولة فلسطينية وتأييده تحويل غزة إلى جزء من مصر وفلسطين إلى جزء من الأردن، ويعكس كاتس توجهات إسرائيلية متشددة تعيق إمكانية التوصل إلى سلام شامل في المنطقة . ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .