زاد الاردن الاخباري -
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت وفي بيان مكتوب، أكدت الخدمة الصحفية لرئيس الوزراء أن "الثقة بيننا (مع غالانت) اهتزت". وقد تم تكليف يسرائيل كاتس وزير الخارجية الحالي بحقيبة وزير الدفاع خلفا لغالانت.
هناك الكثير من الرمزية في الوضع الحالي: -
أولاً، لا يبدو قرار نتنياهو بإجراء تغييرات في طاقم الحكومة في يوم بدء الانتخابات الرئاسية الأمريكية عرضيًا. كان من الممكن أن تتم إقالة غالانت في وقت سابق أو لاحقًا. بدأت خلافاته مع نتنياهو بشكل علني، مع تسرب القضايا المثيرة للجدل، في مارس 2023. لكن الشيء الرئيسي هو أن غالانت كان على اتصال بالولايات المتحدة، بشكل علني أو سري، لتسوية الوضع في غزة ولبنان. لقد كان من المؤيدين لتسليم المناطق الداخلية في غزة للسلطة الفلسطينية، كما عارض شن عملية عسكرية برية في لبنان.
ثانياً، دعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف إطلاق النار فوراً والالتزام بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701. كما كرر دعمه للمبادرات الأميركية والفرنسية الرامية إلى إقامة هدنة مؤقتة بين إسرائيل ولبنان "في غضون أسبوعين"، وهو ما قد ينهي الاشتباكات مع حزب الله. وكان نتنياهو قد أيد مثل هذه الخطة في السابق.
ثالثاً، حسب المعلومات المتوفرة يبدو أن محادثات القاهرة تفشل. فقد اختلف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع موقف مصر التي تدعم إعادة النظر في وضع منظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني في المفاوضات، قائلاً إن "المحادثات حول إعادة هيكلة المنظمة ليست ملحة في الوقت الراهن ولا ينبغي التعجيل بها بسبب الاحداث في قطاع غزة".
وأخيراً، رابعاً، قررت الولايات المتحدة الآن تحذير إيران مرة أخرى عبر سويسرا من استغلال الوضع في إسرائيل وشن هجوم عليها.
وهذا مرتبط بتغيير المشهد الجيوسياسي في المنطقة.
في هذا السياق، يكتسب تعيين ساعر في منصب وزير الخارجية الإسرائيلي أهمية خطيرة، مرتبطة بتغيير توجهات السياسة الخارجية للبلاد. فهو يعارض حل الدولتين، لأنه يعتبر أنه "من الخطأ العودة إلى فكرة إنشاء دولة فلسطينية". وفي أحد تصريحاته، زعم أنه "لن تكون هناك دولة مستقلة أخرى بين نهر الأردن والبحر"، وفي اجتماع حكومي عقد مؤخرا، قال إن إسرائيل بحاجة إلى نقل الصراع في الشرق الأوسط "إلى الدائرة الداخلية"، ودعم الحركات الانفصالية، وخاصة رغبة الأكراد والدروز في إنشاء دولتهم الخاصة.
إن "إعادة تشكيل الحكومة" في حكومة نتنياهو هو برنامجي الطابع. وقد تنبأت بوابة الأخبار اللبنانية الشعبية والمجلة الأمريكية نيوزويك بهذا المسار للأحداث بعد أن أظهر نتنياهو خرائطه اللبنانية مع حدود "اسرائيل الكبرى" في اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة.
إن هذا المشروع يتلخص في إخراج حزب الله من لبنان، وهو ما يحدث بالفعل، وانتخاب رئيس لبناني "ليس حليفاً للميليشيات الشيعية". وتضيف مجلة نيوزويك أن "لبنان سوف يعيد الموارنة، وهي جماعة عرقية دينية مسيحية قديمة ذات جذور في المجتمعات الفينيقية واليونانية في بلاد الشام، إلى الساحة السياسية الكبرى، مما يمنحهم الفرصة لوضع أسس دولة صغيرة قابلة للحكم في منطقة جبل لبنان، بما في ذلك وادي البقاع وطرابلس والمناطق الساحلية الجنوبية، حتى لا تستوعب السكان المسلمين". وهذا من شأنه أن يسمح ببناء جسور سريعة مع أوروبا، وفي المستقبل، ربما، الانضمام إلى كونفدرالية مع إسرائيل، والتي سوف تصبح "اسرائيل الكبرى". وإذا نجح نتنياهو في مثل هذه العملية، فسوف يكون مقدراً له أن يحتل مكانة خاصة في تاريخ إسرائيل. وإلا فإن استقالته الحتمية وملاحقته قضائياً أمر لا مفر منه.
المصدر :
وكالة أنباء REX الروسية
الكاتب:
ستانيسلاف تاراسوف
مؤرخ وباحث سياسي روسي
خبير في شؤون الشرق الاوسط والقوقاز