إن كلمة الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد لم تكن من أجل الإستنكار والتنديد، فهو يرى في هذه المصطلحات كلمات لا يجب إستخدامها مع الإجرام وسفك الدماء. وتؤكد كلمة الرئيس الأسد، على تبيان مقومات القوة وحث القادة العرب والمسلمين على تفعيلها في وجه القاتل المحتل.
كلمة الرئيس الأسد في قمة الرياض لامست وجدان الجماهير، كما وصفت بالحقيقية والمعبرة والصادقة.
أنّ جوهر كلمة الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد يجسّد أدبيات التيّار العروبي الواسع. وهذا ليس مستغرباً أن يكون كذلك الأمر في سورية وقيادتها بل هو أمر طبيعي بينما العكس لن يكون ذلك، أيّ أن يكون على قمة الهرم السياسي في سورية إلاّ من يجسّد الروح العروبية. فهذه هي سورية قلب العروبة النابض والتي استهدفها العدوان الكوني عليها خشية من تلك العروبة. ويأتي كلام الرئيس الأسد ليحسم فكرياً وسياسياً جدلاً عبثياً في الفضاء الفكري والسياسي والدفاعي، حول العلاقة بين غزة وفلسطين من جهة، وفلسطين ومحيطها العربي الذي تنتمي إليه من جهة أخرى. فجاء كلام الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد ليدحض كلّ ذلك ويعتبر ألّا تناقض بين هوية فلسطين وغزة مع الهوية العربية الجامعة لكلّ تلك المكوّنات. وهذا هو متن الخطاب العروبي ومن يؤمن بالمشروع النهضوي العربي. فهذه العروبة الجامعة في ظل الهيبة الإسلامية، تحلّ المشكلة المصطنعة للأقلّيات التي أدخلتها الحقبة الإستعمارية وعلى رأسها الصهيونية القذرة.
فالحرب التي تخوضها غزة الصامدة حرب متعدّدة الأوجه منها ما يمسّ بتماسك المجتمع ويضعف صموده. والتماسك المجتمعي مهدّد إذ الهجوم يستهدف مقوّمات ذلك التماسك وهي الهوية من جهة والدين من جهة أخرى والعلاقة بينهما. ومقاربة الرئيس الأسد كانت لها عدّة أبعاد بدءاً بالفكر وثم بالسياسة والقوة وتداعياتها على قدرة المواجهة وعلى المستقبل. واستند في المقاربة إلى مخزون فكري وفقهي في آن واحد إضافة إلى ربط ذلك بالخيار والموقف السياسي والقوة الرادعة.
ليس بمقدورنا تفصيل كلّ ما جاء في كلمة الرئيس بشّار الأسد لضيق المساحة ولعمق الإشكاليات التي تتلازم مع الطروحات التي ذكرها. من الواضح أنّ أمامنا قائد شاب و مخضرم واسع الإطلاع بالتاريخ والثقافة وبأهمية التجدّد الحضاري عبر التمسّك بالهوية الجامعة التي تصون وحدة المجتمع كمرتكز لتحقيق وحدة الأمة. فلا تجدّد في رأينا في ظلّ الضعف ولا قوّة في ظلّ التجزئة. كما أنّ المعركة ليست سياسية و دفاعية فحسب بل مجتمعية وثقافية وحضارية.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي