في خطوة تعبّر بوضوح عن توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، اختار الرئيس المنتخب دونالد ترامب حاكم ولاية أركنساس السابق، مايك هاكابي، ليكون سفيرًا لواشنطن لدى إسرائيل ، ويُعرف هاكابي بمواقفه الداعمة لإسرائيل بشدة، وقد أكد ذلك في مقابلة حديثة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، حيث جدد دعمه لضم أراضي الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، ما يتماشى تمامًا مع طموحات الحكومة الإسرائيلية وأهدافها الاستراتيجية ، وقد جاءت هذه الخطوة متوافقة مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعرب في محادثاته الأخيرة مع ترامب عن أهمية إعادة "سيادة إسرائيل" على الضفة الغربية كأولوية يجب أن تكون ضمن أجندة الإدارة القادمة ، وكما أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن "حقبة ترامب الجديدة" تمثل فرصة مثالية لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة ، إضافةً إلى ذلك، جاء تعيين يحيئيل ليتر، المستوطن ومستشار نتنياهو السابق، سفيرًا لإسرائيل في واشنطن، ما يعزز بشكل إضافي من التعاون الأمريكي الإسرائيلي في هذا الملف الحساس ، وعند سؤاله حول إمكانية دعم ترامب لضم الضفة الغربية، أشار هاكابي إلى أن ترامب خلال ولايته الأولى أثبت أنه الرئيس الأمريكي الأكثر تفهمًا لمواقف إسرائيل، مستشهدًا بقراراته التي نقلت السفارة الأمريكية إلى القدس واعترفت بهضبة الجولان كأراضٍ إسرائيلية، ما أظهر دعمه الثابت لمطالب إسرائيل الإقليمية ، ويعكس تعيين هاكابي، المعروف بتعصبه الشديد للكيان الصهيوني ولأكثر التيارات الدينية تطرفًا فيه، دعمًا غير مشروط لهذا التوجه ، فهاكابي يؤمن بأن الضفة الغربية ما هي إلا "يهودا والسامرة"، وأن المستوطنات الإسرائيلية ليست سوى "أحياء ومدن"، رافضًا بذلك الاعتراف بوجود الاحتلال ، ولا يقتصر تعيين هاكابي على تعزيز أهداف الحكومة الإسرائيلية، بل يسعى كذلك لاستقطاب قاعدة المسيحية الإيفانجيليكية الصهيونية الداعمة لترامب، حيث يُعتبر هاكابي رمزًا لهذه القاعدة باعتباره قسًا تبشيريًا وصوتًا بارزًا للإيفانجيليكيين الصهاينة ، ويعني هذا التعيين تأجيج السرديات الدينية المتطرفة، وتعزيز خطاب صراع الأديان الذي يمكن أن يجذب تيارات اليمين المسيحي المتطرف، ويزيد من الاستقطاب الديني في الشرق الأوسط، ما يفتح المجال لتصاعد التوترات مع التيارات السلفية المسلحة الإسلامية ، وتأتي هذه التحركات بعد حصول ترامب على دعم من بعض القيادات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة، الذين ساهموا في الترويج له بدافع إنهاء الصراعات في الشرق الأوسط، بما في ذلك الصراع في غزة ، إلا أن دعم بعض الناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين له جاء في أغلبه كوسيلة لردع السياسات الأمريكية السابقة، على أمل أن يجلب ترامب حلولًا إيجابية للقضايا العربية ، ولكن سرعان ما سيكتشف هؤلاء أن "إنهاء الحرب" لا يعني بالضرورة إنهاءها لصالح الفلسطينيين، وأن التركيز على القضايا الاجتماعية مثل الإجهاض وحقوق الأقليات لا يضمن التزام ترامب بحقوق العرب والمسلمين ، والنتيجة هي أن ترامب، عوضًا عن تقديم حلول تدعم التطلعات العربية والفلسطينية، اختار تسليم ملف الشرق الأوسط ومصير الفلسطينيين إلى أيدي تيار متشدد في إسرائيل، الأمر الذي يهدد بالقضاء على "حل الدولتين" ويمهد الطريق لمرحلة جديدة من الصراع الديني والسياسي في المنطقة ... !! خادم الإنسانية.
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .