يشكل رفع الحد الأدنى للأجور قضية حيوية تحمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية واستراتيجية على المصلحة الوطنية الأردنية ، فالقرار لا يرتبط فقط بتحسين دخل العمال، بل ينعكس على استدامة الاقتصاد، ورفع جودة الحياة، وتعزيز العدالة الاجتماعية ، أما عن الأبعاد الاقتصادية لرفع الحد الأدنى للأجور ، فإن رفع الحد الأدنى للأجور يؤدي إلى زيادة الدخل الشهري للعمال، مما يعزز قدرتهم الشرائية ، وهذه الزيادة في الاستهلاك المحلي تحفز الطلب على السلع والخدمات، وتدفع عجلة الاقتصاد نحو مزيد من النمو ، كما أن ارتفاع الأجور يسهم في تقليص الفجوة بين الفئات الاجتماعية، ما يعزز من استقرار المجتمع واقتصاده ، علاوة على ذلك، ينعكس القرار إيجابيًا على إيرادات الضمان الاجتماعي ، فمع زيادة الرواتب، تزداد اشتراكات العاملين وأرباب العمل، مما يعزز قدرة الضمان الاجتماعي على الوفاء بالتزاماته تجاه المتقاعدين والمستفيدين ، وهذا يعزز استدامة النظام الاجتماعي ويُقلل الاعتماد على الاقتراض أو المساعدات الخارجية لتغطية العجوزات ، فضلاً عن
الأبعاد الاجتماعية للقرار ، فعلى الصعيد الاجتماعي، يمثل رفع الحد الأدنى للأجور خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية ، فهو يمنح الفئات الأكثر ضعفًا في سوق العمل فرصة للعيش بكرامة، ما يقلل من معدلات الفقر ويعزز شعور الأفراد بالمساواة في الفرص ،
كما أن تحسين الدخل يقلل من الضغوط النفسية والاجتماعية التي يواجهها العمال ذوو الدخول المحدودة، مما يساهم في رفع مستويات الإنتاجية ، حيث أن العامل الذي يشعر بالإنصاف والدعم يكون أكثر إقبالاً على العمل وأكثر إنتاجية ، نقول ذلك ونحن نعلم حجم التحديات المرافقة ، سيما وأنه لا يمكن إغفال التحديات التي قد تنشأ من رفع الحد الأدنى للأجور، خصوصًا على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل عصب الاقتصاد الأردني ، وهذه الشركات قد تواجه صعوبة في تحمل تكاليف الرواتب المرتفعة، مما قد يؤدي إلى تقليص عدد الوظائف أو زيادة الأسعار ، و
لكن، مع وجود سياسات داعمة مثل تقديم الحوافز الضريبية للشركات الصغيرة أو تحسين بيئة الأعمال لتخفيف الأعباء، يمكن التخفيف من الآثار السلبية وضمان تحقيق التوازن بين حقوق العمال وقدرة الشركات على المنافسة ، بالتالي لا بد من رفع الحد الأدنى للأجور كجزء من استراتيجية وطنية ، في مرحلة تقتضي أن ينظر فيها إلى
رفع الحد الأدنى للأجور كجزء من استراتيجية شاملة تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، في وقت يسعى الأردن للحد من البطالة، خاصة بين الشباب، وتحفيز الاستثمار ، لذلك، ينبغي أن يترافق رفع الأجور مع سياسات لدعم التعليم المهني، وتشجيع ريادة الأعمال، وجذب الاستثمارات التي توفر وظائف ذات جودة عالية ، وعموماً فإن رفع الحد الأدنى للأجور
يمثل مصلحة أردنية عليا، فهو ليس مجرد إجراء لتحسين دخل العمال، بل خطوة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد، ورفع جودة الحياة، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي ، بالتوافق مع سياسات داعمة ومتوازنة، يمكن تحويل هذا القرار إلى رافعة تنموية حقيقية تسهم في بناء مستقبل أفضل للأردن وأبنائه ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .