دستوريا؛ تنطلق اليوم أعمال الدورة العادية الأولى لمجلس النواب الـ(20)، بإعلان جلالة الملك عبدالله الثاني انطلاقها، من خلال خطبة العرش، التي تجري وفق مراسم معروفة.. وباسم الله وعلى بركة الله، تنطلق.
أتدارك الانزلاق في بحور التفاؤل في مثل هذه الظروف، وبالطبع نتمنى أن تكون الأيام القادمة حافلة بمزيد من الإنجاز والخير للوطن وللناس وللأمة، ولعله يكون هذه المرة مختلفا، أعني الحديث عن شكل الأداء القادم لمجلس الأمة وتشاركيته مع الحكومة وسائر المؤسسات الأخرى، حيث جاء هذا المجلس بعد تغيير منظومة من التشريعات السياسية الناظمة للشؤون الأردنية، وتم انتخاب أعضاء مجلس النواب بناء على قانون انتخاب جديد، ضمن للأحزاب مشاركة بحضور كبير نسبيا، مقارنة بالمجالس السابقة، وهذا ما يجب أن نلمسه «نظريا وعمليا»، ومع تراجع التوقعات وتزاحم الأخبار بشأن اختلاف الأداء تحت قبة مجلس النواب، إلا أننا نتحدث عن الافتراضي، وهو أن نلمس أداء سياسيا مختلفا، يؤكد صواب موقف ورؤية الدولة الأردنية حين اختارت هذا النموذج من المشاركة السياسية.
على صعيد خطبة العرش فنحن بالتأكيد أمام خطبة عرش مهمة جدا، فهي تعبر عن رؤية وتوجهات الدولة كما يريدها ويراها رأس الدولة، وسبب أهميتها هي الحقائق الكبيرة الخطيرة التي نعيشها، ونواجهها على هيئة أزمات وتحديات وملفات مرشحة للاشتعال لدرجات عالية جدا، تتطلب قلوبا وعيونا وعقولا أردنية وطنية حذرة، تسهر على الوطن ومصالحه و»وجوده» المستقل المستقر.. وإنني كغيري من الأردنيين، أنتظر هذه الخطبة لمعرفة التوجهات الأردنية كما يراها ويريدها الملك، فهي خطة العمل بخطوطها العريضة ومحاورها الأهم، والتنفيذ بالطبع سيقع على عهدة السلطات كلها..
لن نفعل كما كل مرة، ونتوقع ملفات ونقدم تحليلات، لأنني أعتبر هذا النمط من الكتابة في مثل هذه المناسبات يقع في باب «التشويش»، سيما وأننا أصبحنا ندقق في الكلام والتصريحات، نظرا لحساسية وخطورة ما يواجهه الأردن، ولعل أخطر ما نتحدث عنه متعلق بخارطة الأردن وتكوينه الاجتماعي، وبنيته الاقتصادية والإستراتيجية، في ظل التغيرات العالمية الناجمة عن الحروب التي تشعلها دولة الاحتلال المجرمة بدعم أمريكي وأوروبي غير محدود، وغير محسوب، ومنفلت من أية التزامات قانونية أو أخلاقية.. ولا ضمانات سياسية من أية جهة ولا من أي نوع، سوى ما نضمنه نحن أنفسنا لمنعة وقوة وتماسك وسيادة بلدنا.. فلن يتبرع لنا أحد بالهدايا، بل لن نسلم من أحد حين نضعف، و نفقد توازننا وأدوارنا.
كلام الملك الذي سيقال اليوم؛ مهم ويأتي في ظروف متطرفة في شدتها واستثنائيتها، ولا أشك بأننا أمام أهم خطاب عرش في أهم وأخطر المراحل التي عاشتها الدولة الأردنية، وربما يكون لنا وقفة أخرى مع هذا الخطاب الملكي، بعد أن ننعم النظر ونمعن التفكير، لأننا مهما رأينا من الصورة، فلن نشاهدها كما يشاهدها ويعيشها جلالة الملك، فهو المسؤول الأول والأعلى عن الدولة وعن قواتها ودفاعاتها و «هجوماتها» أيضا.