زاد الاردن الاخباري -
حقق دونالد ترامب انتصارًا تاريخيًا وحصل على فترة ولاية ثانية في البيت الأبيض، مما تسبب في ارتفاع سوق الأسهم الأمريكية والدولار والبيتكوين، لكن المستثمرين يزنون إطارًا زمنيًا أطول من رد الفعل الفوري على النتيجة ويتساءلون كيف يمكن للسوق أن تتفاعل بمجرد تولي ترامب السلطة في الأسابيع المقبلة.
لقد حققت أسواق تداول الأسهم الأمريكية أداءً جيدًا إلى حد ما خلال فترة ولاية "دونالد ترامب" الأولى على الرغم من كوفيد 19، وهو ما يفسر شعبيته هذه المرة، في الوقت نفسه، يخرج الأمريكيون من أزمة تكاليف المعيشة ويشعرون بالقلق بشأن اقتصادهم.
تمكنت الولايات المتحدة في هذه الانتخابات تجنب ما كانت الأسواق تخشاه أكثر من أي شيء آخر، حيث تزايدت المخاوف من انتخابات متنازع عليها وعدم اليقين المطول والذي كان من المحتمل أن يؤدي إلى عمليات بيع كبيرة، وبدلاً من ذلك، حقق ترامب نصرًا حاسمًا بطريقة سلسلة، والأسواق تحب هذا الوضوح والسلاسة.
من المؤكد أن أسعار الفائدة سيكون لها تأثير أكبر على أداء الاستثمار، فالأسهم تشهد عادة ارتفاعات في دورة خفض أسعار الفائدة طالما تمكن الاقتصاد من تجنب الركود، وهو ما يبدو أنه الحال حتى الآن، كما تميل الأصول الأمريكية وخاصة الأسهم إلى تحقيق أداء جيد في العام الذي يلي الانتخابات.
ولكن من الواضح أن الأسواق تعتقد أن النمو الاقتصادي سوف يتضخم بسبب سياسات إدارة ترامب، ويمكننا أن نرى ذلك في نتائج مؤشر راسل 2000 الذي ارتفع بأكثر من 4% بعد بضع دقائق فقط من بدء جلسة التداول في السادس من نوفمبر، ومع ذلك، ما زال الخبراء يعتقدون أن دعم الأسهم يتعلق أكثر بتخفيف البنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية لدعم النمو.
ومع ذلك، من المتوقع أن تكون سياسات ترامب بشأن الهجرة والتعريفات الجمركية تضخمية، وهو ما قد يبطئ وتيرة خفض أسعار الفائدة، وهناك أيضًا رياح معاكسة حالية لم تكن سائدة في عام 2016 وهي التركيز الشديد لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 والتقييمات المرتفعة لأكبر أسهمه، وقد دفعت هذه العوامل جولدمان ساكس إلى التنبؤ بأن الأسهم الأمريكية سوف ترتفع بنسبة 3% فقط سنويا على مدى العقد المقبل أو نحو ذلك.
وعلاوة على ذلك، يعتقد بعض المحللين أن النشوة في الأسهم الأمريكية هذا الأسبوع مبالغ فيها وقد يكون هناك بعض التراجع في الأمد القريب، وأضافوا أن الأسهم الأوروبية والبريطانية ردت بشكل مبالغ فيه في الاتجاه الآخر وقد تنتعش.
ما هو التأثير الذي قد يحدثه فوز ترامب على الأسواق الأمريكية؟
الانتخابات الأمريكية 2024 فريدة من نوعها في تقديم لمحة نادرة عن سلوك السوق، حيث سبق لمرشح الحزب الجمهوري "دونالد ترامب" أن يشغل منصب الرئاسة.
خلال فترة ترامب، حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ارتفاع بنحو 69.60% مدفوعًا بسياسات مثل تخفيضات الضرائب علي الشركات والغاء القيود التنظيمية، ومع ذلك، واجهت فترة رئاسته تحديات كبيرة أهمها جائحة كوفيد 19 التى أدت إلي تقلبات شديدة فى الأسواق المالية بالإضافة إلى اضطرابات اقتصادية واسعة النطاق.
على العكس من ذلك، خلال فترة رئاسة "جو بايدن" حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مكاسب بنحو 41.90% بنسبة (حتي 20 يونيو 2024)، مدفوعًا بالتحفيز المالى الكبير ومعدلات الانفاق علي البنية التحتية، وقد تميزت فترة بايدن بتحدي التضخم المرتفع وسياسة البنك الاحتياطي الفيدرالي التقييدية والتي تهدف إلى السيطرة علي التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة.
في خضم سياسة الاحتياطي الفيدرالي التقييدية حظى سوق الخزانة باهتمام كبير، حيث قاد "جيروم باول" الذى عينه ترامب وتمسك به بايدن، الاقتصاد عبر مشهد صعب يتميز بمخاوف التضخم ورفع أسعار الفائدة، من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة متميزة بوجود سقف للديون والذى يتيح للحكومة فقط تلبية الالتزامات القائمة بدلاً من تفويض إنفاق جديد، يشمل العبء المالى مدفوعات فائدة كبيرة علي العجز، وخلال فترة ترامب ارتفع الدين الفيدرالي الإجمالي كنسبة مئوية من اجمالي الناتج المحلى بنحو 19.5% بينما تراجع فى عهد بايدن بنحو 1.5%.
إن معدلات البطالة توفر عدسة أخري لتقييم الأداء الاقتصادى، ففى عهد ترامب ارتفعت البطالة إلى 6.4% من 4.7% ويرجع هذا فى المقام الأول إلى وباء كوفيد19، بينما شهدت فترة بايدن انتعاشًا كبيرًا حيث بلغ معدل البطالة أدنى مستوى قياسي عند 4%.
ويكشف تحليل أداء القطاعات عن المزيد من الآثار المترتبة على تأثيرات السوق، ففي رئاسة ترامب السابقة، كانت القطاعات ذات الأداء الأفضل هى القطاع المالى والقطاع التكنولوجي والسلع الاستهلاكية التقديرية، بينما شهدت فترة بايدن قيادة قطاع الطاقة والقطاع المالي والتكنولوجي، وتسلط تلك الاختلافات الضوء علي مدي تأثير اختلاف السياسات المالية والعوامل الاقتصادية علي ديناميكيات السوق، يقول الخبراء أن نتائج الانتخابات الرئاسية وحدها لا تستطيع تحديد انهيارات السوق أو ازدهارها، لكن اتجاه السياسة يلعب دورًا حاسمًا في ذلك.
كيف يؤدي سوق الأوراق المالية في عام الانتخابات؟
تاريخيًا، تعزز سنوات الانتخابات تفاؤل سوق الأوراق المالية، عادةً، يبدأ مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بوتيرة أبطأ فى الربع الأول ثم يرتفع حتى الصيف ويتوقف قبل انتخابات الرئاسة في نوفمبر، وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، تُظهر الأسواق أداءً إيجابيًا في سنوات الانتخابات بشكل عام.
ما هي الآثار المحتملة للسياسة المالية على سوق الأوراق المالية؟
من المقرر أن ينتهى قانون التخفيضات الضريبية والوظائف الذي تم سنه في عام 2017 (وهو السمة المميزة لإدارة ترامب السابقة) في عام 2025، ومع فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 فقد يمدد هذه التخفيضات، الأمر الذي قد يؤدى إلي تفاقم عجز الميزانية، وعلي العكس من ذلك، فإن انتهاء صلاحية القانون في 2025 سيرفع معدل ضريبة الشركات إلي 35% من 21%، يحدث هذا التحول في ظل بيئة ذات أسعار فائدة مرتفعة بسبب سياسات البنك الاحتياطي الفيدرالي التقييدية.
إن الاختلاف فى سياسات الطاقة واضحة، فترامب يفضل زيادة الحفر المحلي، في حين يتجه بايدن لمبادرات الطاقة النظيفة، ومن المرجح أن يبقي الإنفاق الدفاعى قويا تحت أي إدارة، تقليديا، قد يؤدى موقف الحزب الجمهوري المتساهل فى مكافحة الاحتكار إلي إشعال المزيد من نشاط الاندماج والاستحواذ.
تميزت فترة رئاسة ترامب السابقة باستهدافه المباشر وغير المتوقع للشركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يشير في بعض الأحيان إلى المقاطعة والتي قد تؤثر على الإيرادات، العامل الحاسم الذي يجب مراقبته في فترة ولاية ثانية محتملة هو تكوين إدارته، والتي من المرجح أن تختلف بشكل كبير عن ولايته الأولى.
هل سنرى تكرارًا لما حدث في عام 2017؟
في عام 2017 اتخذ ترامب نهجًا مختلفًا تجاه الدور الرئاسي، كانت خلفيته كرجل أعمال واضحة وأسلوبه الدبلوماسي فاجأ الكثيرين، في حين أنه من غير المرجح أن يعدل ترامب أسلوبه، فإن الولايات المتحدة وبقية العالم يعرفون ما يمكن توقعه، لا يزال يتعين علينا أن نتوقع أن يكون ترامب نشطًا في عام 2025 كما كان في أول 100 يوم من رئاسته في عام 2017، ومع اكتساح الجمهوريون الكونغرس الأمريكي فقد يتمكن من تمرير سياساته بسرعة أكبر.
هناك بعض المخاوف من أن الاقتصاد الأمريكي قد يدخل في حالة ركود وهناك أيضًا مخاوف بشأن ارتفاع تقييمات أسهم التكنولوجيا، وخاصة في الشركات السبع الرائعة (مايكروسوفت، وآبل، وإنفيديا، وتيسلا، وألفابت، وأمازون، وميتا)، ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد الأمريكي سليمًا، حيث بدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة وأثبت الاقتصاد مرونته ونما بنسبة 2.7% للعام حتى 30 سبتمبر 2024.
سياسات ترامب الضريبية
يخطط ترامب لجعل تخفيضات ضريبة الدخل من قانون تخفيضات الضرائب والوظائف لعام 2017 دائمة قبل أن تنتهي العام المقبل، كما يريد خفض ضريبة الشركات إلى 20% وربما 15% للشركات التي تصنع منتجاتها في الولايات المتحدة، ولدفع ثمن التخفيضات الضريبية يريد ترامب فرض تعريفات جمركية على جميع الواردات، والهدف العام هو تشجيع الدول مثل الصين على الاستثمار في مصانع التصنيع داخل الولايات المتحدة لخلق فرص العمل.
التعريفات الجمركية لديها القدرة على أن تكون تضخمية من خلال ارتفاع الأسعار مما قد يؤثر لاحقًا على ثقة المستهلك والنشاط الاقتصادي، وفقًا لغولدمان ساكس، فإن خفض ضريبة الشركات يمكن أن يعزز أرباح السهم الواحد لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 4% وسيكون إيجابيًا للأسهم الأمريكية، ومع ذلك، قد يؤدي ذلك أيضًا إلى ارتفاع الدين الحكومي مما قد يؤثر على أسواق السندات بسبب المخاوف بشأن الديون المتنامية.
يتمتع الرئيس ترامب بسجل حافل من تحرير القيود التنظيمية، ففي ولايته الأولى خفض معايير كفاءة الوقود للمركبات وقلص متطلبات التصاريح البيئية وخفف من القيود التنظيمية المالية والتكنولوجية.
نتوقع المزيد من التغييرات هذه المرة وقد يمددها إلى ما هو أبعد مما قدمه في عام 2016، وذلك لأن المحكمة العليا ( التي تميل إلى الجانب المحافظ) جعلت من السهل تحدي القواعد الحالية وتغييرها.
ثلاثة مواضيع انتخابية يمكن أن تؤثر على استثماراتك
هناك ثلاثة مواضيع انتخابية رئيسية يجب الانتباه إليها والتي يمكن أن تؤثر على محفظتك الاستثمارية:
- الوقود الأحفوري: يدعم ترامب صناعة النفط والغاز ولكنه أقل حرصًا على الطاقة المتجددة، ومع سيطرة أكبر على الهيئة التشريعية الأمريكية قد يبطئ الإنفاق والاستثمار في هذا المجال مع إزالة القيود المفروضة على شركات النفط والغاز.