دولة الرئيس،
باسمي كمواطن أردني يشهد يومياً على تحديات هذا الوطن العظيم، أكتب إليكم هذه الرسالة، محملاً إياها آمالاً وأوجاعاً تعكس الواقع الذي نعيشه. في ظل الظروف الإقليمية المضطربة، والضغوط الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية المتزايدة، يبرز سؤال أساسي: كيف يمكننا، كدولة ومجتمع، أن نحافظ على استقرارنا وهويتنا الوطنية، وننهض ببلدنا نحو مستقبل أفضل؟
الوضع الإقليمي: بين المخاطر والفرص
الأردن اليوم يقف في قلب منطقة تعاني من أزمات مستمرة، من الحروب والصراعات الإقليمية إلى التوترات السياسية المتصاعدة. هذه الأزمات لا تؤثر فقط على الأمن الإقليمي، بل تمتد إلى الداخل الأردني من خلال اللاجئين، التحديات الأمنية، وضغوط الموارد.
في ظل هذا الواقع، يجب أن تكون سياستنا الخارجية متوازنة وقائمة على حماية المصالح الوطنية. نحن بحاجة إلى تعميق علاقاتنا مع الدول العربية والصديقة، مع تعزيز دورنا كدولة محورية تسعى للسلام والاستقرار.
لكن لا يكفي أن نتعامل مع التحديات الإقليمية من منظور سياسي فقط، بل يجب أن نستغل الفرص الاقتصادية المتاحة من خلال التعاون الإقليمي في مجالات مثل الطاقة، التجارة، والمياه، لتحقيق مكاسب تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني والمواطن الأردني.
التحديات الاقتصادية: الواقع والآمال
دولة الرئيس،
الاقتصاد الأردني يعاني من أزمات هيكلية تتطلب إصلاحات جذرية. ارتفاع الدين العام، محدودية الموارد، وارتفاع معدلات البطالة باتت تهدد استقرار الأسر الأردنية ومستقبل الأجيال القادمة.
البطالة: ما زالت أعداد كبيرة من الشباب تعاني من البطالة، رغم كونهم يمثلون الطاقة الأكبر لبناء الوطن. نحن بحاجة إلى سياسات تدعم ريادة الأعمال، تسهيل الاستثمار، وتطوير التدريب المهني ليتماشى مع احتياجات السوق.
الدين العام: تزايد الدين العام يشكل عبئاً على الاقتصاد، ويتطلب حلولاً مبتكرة تركز على تحفيز النمو الاقتصادي بدلاً من الاعتماد على الاقتراض.
التضخم: ارتفاع أسعار السلع والخدمات أصبح هاجساً يومياً لكل أسرة أردنية. نحن بحاجة إلى ضبط الأسواق، وتقديم دعم مباشر للطبقات الأكثر تضرراً.
علاوة على ذلك، يجب أن تستثمر الدولة في قطاعات مستدامة مثل الطاقة المتجددة والزراعة الحديثة، التي لا تعزز فقط الأمن الاقتصادي، بل تخلق فرص عمل وتقلل الاعتماد على الاستيراد.
التحديات الاجتماعية: ضمان تماسك النسيج الوطني
الفقر والتفاوت الاجتماعي هما من أبرز القضايا التي تؤثر على النسيج الوطني.
نحن بحاجة إلى برامج اجتماعية تعزز العدالة وتوفر الدعم للأسر الفقيرة، مع التركيز على التعليم والصحة كسبيل لكسر دائرة الفقر.
التماسك الاجتماعي يتطلب تمكين النساء والشباب وإشراكهم في صنع القرار، فهؤلاء هم الركيزة الأساسية لأي مجتمع متقدم.
الصحة والتعليم: رهان المستقبل
دولة الرئيس،
الصحة والتعليم هما الاستثمارات الحقيقية لبناء المستقبل، لكنهما يعانيان من تحديات كبيرة:
1. قطاع الصحة:
المستشفيات الحكومية تعاني من الاكتظاظ وضعف الموارد. هل يمكننا تحسين البنية التحتية وتوفير الدعم للأطباء والممرضين؟
التأمين الصحي الشامل يجب أن يكون أولوية، لضمان حصول كل مواطن على الرعاية التي يستحقها.
2. قطاع التعليم:
التعليم في الأردن، رغم الإنجازات السابقة، يواجه تحديات تتعلق بجودة المناهج، ضعف البنية التحتية، وقلة الفرص التعليمية في بعض المناطق النائية.
نحن بحاجة إلى تطوير مناهج حديثة تعزز التفكير الإبداعي والابتكار، وربط التعليم العالي بسوق العمل لضمان تخريج كفاءات تلبي احتياجات التنمية.
الهوية الوطنية: الحصن المنيع
في ظل التحديات التي نواجهها، يجب أن تبقى الهوية الوطنية الأردنية هي الأساس الذي نبني عليه استقرارنا ومستقبلنا.
الهوية الوطنية ليست فقط مفهوماً نظرياً، بل هي القيم المشتركة التي تجمعنا، وهي مسؤوليتنا المشتركة في تعزيز الوحدة الوطنية، والوقوف في وجه كل من يسعى لتفكيك هذا النسيج.
علينا أن نغرس في الأجيال القادمة قيم الولاء والانتماء، مع الحفاظ على احترام التنوع الثقافي والاجتماعي الذي يميز مجتمعنا.
الكلمة الأخيرة: شراكة المواطن والحكومة
دولة الرئيس،
الأردنيون بطبيعتهم شعب صبور ومحب لوطنه، لكنهم بحاجة إلى رؤية أفق واضح، وإلى قرارات تعكس آمالهم وطموحاتهم. الثقة بين المواطن والحكومة هي مفتاح النجاح، وهذه الثقة تبنى على الشفافية، العدل، والمشاركة الفعلية للمواطن في صنع القرار.
إننا ندرك أن الطريق ليس سهلاً، لكننا نؤمن أن الإرادة الصادقة والعمل الجاد قادران على تحقيق المستحيل. الوطن يحتاج إلى تضافر الجهود، وإلى رؤية شاملة تستثمر في الإنسان، وتحمي هويته، وتبني مستقبله.
مواطن أردني يؤمن بهذا الوطن ويطمح لرؤية غدٍ أفضل