مع الإعلان عن تشكيل إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لولايته الثانية، تتضح ملامح سياسة أمريكية أكثر تشددًا تجاه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهي سياسة يبدو أنها تواصل الإرث الذي بدأه ترامب في ولايته الأولى (2016-2020) ، فقد شهدت تلك الفترة قرارات مثيرة للجدل، أبرزها الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية ، ومع هذه التوجهات، رسّخ ترامب موقفًا داعمًا للسياسات الإسرائيلية الأكثر تطرفًا، ما أدى إلى تعقيد إضافي للصراع ، هذا في الوقت الذي تشير فيه التعيينات الجديدة في إدارة ترامب إلى رؤية متشددة تتوافق مع أجندات اليمين الإسرائيلي المتطرف ، ولعل اختيار شخصيات بارزة مثل مايك هاكابي سفيرًا لدى إسرائيل، المعروف برفضه لحل الدولتين ودعمه للاستيطان، وماركو روبيو وزيرًا للخارجية، الذي يُصنف من "صقور السياسة الخارجية" المؤيدين للموقف الإسرائيلي العسكري، يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في إرضاء الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو ووزرائه المتشددين ، لهذا نجد أن الكثير من المحللين ينظرون
إلى هذه التعيينات على أنها تأكيد من إدارة ترامب على دعم المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس، وتعزيز رؤية ضم الأراضي الفلسطينية كـ"استحقاق ديني وأخلاقي"، وهو ما يمنح إسرائيل غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا لتنفيذ خططها التوسعية دون قيود ، و بما أن ترامب معروف بنهجه البراغماتي، سيركز على "السياسة والصفقات" لتحقيق أهدافه، مع تجنب الانخراط في نزاعات عسكرية مكلفة ، بالتالي من المتوقع أن تكون غزة إحدى أولوياته، عبر محاولات لإنهاء الحرب المستمرة، لكن بشروط إسرائيلية تضمن استمرار سيطرتها على القطاع ، و
في الوقت ذاته، يبدو أن ترامب يهدف إلى إبقاء السلطة الفلسطينية في حالة من الهشاشة الإدارية، مستخدمًا الضغوط السياسية والاقتصادية للحفاظ على السلطة كإطار إداري محدود، دون أي أفق سياسي يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة ، سيما وأن تعيينات إدارة ترامب الجديدة تنذر بمرحلة قاتمة قد تشهد تسارعًا في تهويد القدس وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية ، والسياسات الأمريكية تحت هذه الإدارة قد تُشجع إسرائيل على تنفيذ خططها التوسعية بجرأة أكبر، حيث سيجد اليمين الإسرائيلي دعمًا غير مشروط لتحقيق طموحاته، ما يؤدي إلى تقليص فرص الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة ، في ظل الملفات الدولية الشائكة، مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات مع الصين، قد ينظر ترامب إلى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي كملف يمكن حسمه سريعًا، بما يخدم المصالح الإسرائيلية، دون اعتبار للتداعيات الإنسانية والسياسية على الفلسطينيين ، و بينما تستعد القيادة الفلسطينية للتعامل مع هذه المرحلة الجديدة، يظل السؤال الأبرز: هل سيتمكن الفلسطينيون وحلفاؤهم من مواجهة هذه السياسات الأمريكية - الإسرائيلية المتشابكة؟!! أم أن موازين القوى ستظل مرجحة لصالح إسرائيل، في ظل دعم أمريكي غير مسبوق؟ !! سيما وأن ما هو مؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد تحديات هائلة للفلسطينيين، في وقت يبدو فيه أن فرص السلام تتلاشى أمام سياسات تسعى لتكريس الهيمنة الإسرائيلية وتعميق المعاناة في الأراضي المحتلة ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .