ظهرت أزمة تخوين الموقف الأردني تتشكل في سياق معقد يجمع بين التحديات الداخلية والخارجية، والتوازنات السياسية، والحساسيات الشعبية. لفهم هذه الأزمة بشكل كامل، لا بد من تحليل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي إلى ظهورها
1. الظروف السياسية
أ) الموقع الجغرافي والوصاية على القدس
الأردن يمتلك دورًا خاصًا في القضية الفلسطينية، إذ يتحمل عبء الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
أي موقف رسمي يُفهم على أنه غير داعم لفلسطين يُقابل بانتقادات حادة، خاصة في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.ويتحمل الاردن رغم صعوبة الظروف كل مالات القضية الفلسطينية على الاوضاع الداخلية بحكم انه جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية .
ب) العلاقات مع إسرائيل
توقيع اتفاقية السلام (وادي عربة 1994) وضع الأردن في وضع معقد؛ فهو يحاول الحفاظ على علاقة سياسية مستقرة مع إسرائيل لضمان مصالحه الأمنية والمائية، بينما يواجه غضب الشارع الذي يرفض التطبيع.رغم ان اتفاقية السلام وقعت بعد توقيع الممثل الفلسطيني اتفاقية اوسلو التي اضاعت الحق الفلسطيني بيد الفلسطيني
ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين يزيد الضغوط الشعبية على الحكومة الأردنية لإظهار موقف أكثر صرامة، ما يفتح الباب للتخوين.
ج) الدور الإقليمي والدولي
الأردن يقع في قلب الأزمات الإقليمية (سوريا، العراق، فلسطين)، وهو مضطر لتبني سياسات وسطية تحافظ على استقراره، ما قد يُفسر من البعض على أنه ضعف أو تنازل.ولم يتبادر الى ذهن من يخون الموقف الرسمي الاردني ان هناك مصالح دولة ترعاها وان هنا 11 مليون مواطن ومقيم يقيمون على ارض المملكة وان خيار الحرب هو خيار ليس سهلا في ظل دعم القوى العالمية وجزء من العالم العربي للكيان المغتصب
التزام الأردن بعلاقاته مع الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والدول الخليجية يُؤثر أحيانًا على مواقفه، خاصة إذا تعلق الأمر بصفقة القرن أو سياسات التطبيع.
2. الظروف الاقتصادية
أ) الضغوط المالية والاقتصادية
الأردن يعاني من أزمة اقتصادية خانقة (مديونية عالية، بطالة، ضعف النمو الاقتصادي).
هذه الأزمات تزيد اعتماد الأردن على المساعدات الدولية، ما يدفع البعض إلى اتهام الحكومة بالخضوع للضغوط الخارجية مقابل المساعدات.
ب) ربط المواقف الاقتصادية بالسياسية
يُربط أحيانًا بين المساعدات التي يتلقاها الأردن من دول مثل الولايات المتحدة أو دول الخليج وبين مواقفه السياسية.
أي تنازل يُفسر على أنه نتيجة لهذه المساعدات يُقابل باتهامات بالتخلي عن الثوابت الوطنية.
3. الظروف الاجتماعية والإعلامية
أ) تصاعد الاحتقان الشعبي
الشارع الأردني يعبر عن ارتباط قوي بالقضية الفلسطينية، ويتوقع مواقف حازمة من الحكومة.
أي تصرف أو تصريح رسمي لا يلبي هذه التوقعات يؤدي إلى اتهامات بالخيانة أو التفريط.
ب) دور الإعلام ووسائل التواصل
وسائل الإعلام التقليدية والجديدة تُضخم النقاشات وتُسرّع انتشار الأخبار والاتهامات، خاصة إذا غابت الشفافية في تفسير المواقف الرسمية.
الحملات الإعلامية المناهضة للحكومة، سواء داخلية أو خارجية، تُسهم في تعميق هذه الأزمة.
ج) غياب الثقة بين الشعب والحكومة
تاريخ من الأزمات الداخلية وغياب الإصلاح السياسي الحقيقي يجعل المواطن الأردني أكثر تشككًا في مواقف حكومته.
هذا التوتر الداخلي يعزز قابلية الشارع لتصديق الاتهامات بالتخوين.
4. الأحداث الإقليمية والدولية
أ) التطبيع العربي مع إسرائيل
موجة التطبيع التي قادتها بعض الدول العربية (مثل الإمارات والبحرين) زادت من الضغط على الأردن للحفاظ على موقفه الرافض للتطبيع.
أي خطوة أو تصريح يُفسر على أنه توافق مع هذه السياسات يُثير الجدل ويُفتح باب التخوين.
ب) صفقة القرن وتأثيراتها
الضغط الأمريكي لتنفيذ "صفقة القرن" وضع الأردن في مواجهة مع خيارات صعبة تتعلق بمستقبله، خاصة فيما يخص قضية اللاجئين وحل الدولتين.
أي موقف وسطي أو حذر من الأردن يُتهم من قبل بعض الأطراف بأنه انحياز أو تفريط.
ج) الأزمات الفلسطينية
انقسام الفلسطينيين بين الضفة وغزة وصعوبة تحقيق توافق داخلي يزيد العبء على الأردن، حيث يُطالب دائمًا باتخاذ موقف قيادي.
عوامل إضافية تزيد الأزمة تعقيدًا
1. الاستفزازات الإسرائيلية:
الانتهاكات المستمرة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس تزيد من الاحتقان الشعبي في الأردن، ما يضع الحكومة أمام معضلة اتخاذ مواقف حاسمة دون المخاطرة بتصعيد دبلوماسي أو أمني.
2. الحساسية الوطنية للتدخل الخارجي:
أي شبهة تدخل خارجي في الموقف الأردني (مثل الضغط الأمريكي أو الخليجي) تُواجه بانتقادات شعبية واسعة، تُتهم فيها الحكومة بالخضوع.
انعكاسات التخوين على الساحة الاردنية
إضعاف الجبهة الداخلية:
الانقسامات حول المواقف الرسمية تُضعف التماسك الوطني وتقلل من الثقة بالحكومة.
إضعاف الموقف الأردني خارجيًا:
التخوين المتكرر يُظهر الأردن كبلد غير مستقر داخليًا، ما يُقلل من قوته التفاوضية.
زيادة الاحتقان الشعبي:
استمرار الاتهامات قد يؤدي إلى احتجاجات تُعمق الأزمات الداخلية.
وللوقوف في وجه هذه الاجندات علينا :
1. تعزيز الشفافية في القرارات الرسمية:
الحكومة بحاجة إلى تقديم تفسيرات واضحة ومدعمة بالمعلومات حول مواقفها السياسية والدبلوماسية.
2. فتح حوار وطني شامل:
إشراك القوى الشعبية والسياسية في نقاش حول السياسات الخارجية لتعزيز الشعور بالمشاركة في صنع القرار.
3. تعزيز الدور الإقليمي للأردن:
دعم مواقف جريئة تضع الأردن في موقع قيادي إقليمي، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
4. إعادة بناء الثقة بين الشعب والحكومة:
تحسين الأداء الاقتصادي، وتبني إصلاحات سياسية حقيقية لتقليل الاحتقان الداخلي.
إذا كنت ترى نقاطًا إضافية أو أبعادًا لم يتم تناولها، يمكننا تطوير النقاش بشكل أعمق.