هذه الخطوة غير المسبوقة تعكس تغيّرًا جذريًا في نهج السلطات الكويتية تجاه ملف الجنسية، حيث أعلنت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية عن سحب وفقد الجنسية من 1647 شخصًا، ما رفع العدد الإجمالي إلى 4601 حالة منذ نهاية أكتوبر الماضي ، وهذه الأرقام الصادمة، التي تزداد بسرعة كبيرة، تُثير تساؤلات واسعة حول الدوافع الحقيقية والإجراءات القانونية المرتبطة بهذه القرارات ، وتشير التصريحات الرسمية إلى أسباب متنوعة لسحب الجنسية، منها ارتباطات بأطراف خارجية مثل إيران وحزب الله، وتجاوزات قانونية كتزوير وثائق الجنسية، أو استغلال الثغرات للحصول على الامتيازات دون وجه حق ، ومن بين المتأثرين بهذه القرارات، نساء وافدات مطلقات قيل إنهن حصلن على الجنسية لتحقيق مصالح معينة دون استيفاء الشروط ، وكما برزت حالات مثل سالم الهندي، المدير العام لقنوات "روتانا"، الذي فقد جنسيته رغم مساهماته الفنية والإعلامية ،
ولكن الملف الأكثر إثارة للجدل تضمن أسماء بارزة مثل حاكم المطيري، رئيس حزب الأمة غير المعترف به في الكويت، و المتهم بأفكار متطرفة وتحريضية ، ومع ذلك، يرى منتقدون أن بعض القرارات تبدو مدفوعة بخلفيات سياسية أكثر منها قانونية، خاصة مع غياب مجلس الأمة الذي يُفترض أن يمارس دورًا رقابيًا على هذه الإجراءات ، فضلاً عن أن القرارات لم تتوقف عند سحب الجنسية فقط، بل امتدت لتشمل تداعيات خطيرة على حياة الأفراد المتضررين، الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها عديمي الجنسية ، وهؤلاء يُحرمون من الحقوق الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والدعم الاجتماعي، فضلًا عن خطر الترحيل ، ووفقًا لتقارير محلية، أُوقفت وزارة التجارة الدعم التمويني عن أكثر من 4000 شخص متضرر، ما أدى إلى تدهور أوضاعهم المعيشية ، واقتصاديًا، يُنذر تزايد أعداد المتأثرين بتداعيات على النظام المالي ، فالتزاماتهم تجاه البنوك والإيجارات والشراكات التجارية قد تتأثر، ما يخلق موجة من التعثر الاقتصادي قد تطال قطاعات متعددة ، و
في سبتمبر الماضي، وافق مجلس الوزراء الكويتي على تعديل قانون الجنسية ليمنع تلقائية انتقال الجنسية إلى زوجة المواطن أو أولاده القصر ، وهذا التعديل، رغم أنه يهدف لتعزيز الرقابة القانونية، أثار جدلًا حول تأثيراته على النسيج الاجتماعي، خاصة أن بعض المنتقدين يرون أن هذه السياسات تُعمّق فجوة الثقة بين المواطن والدولة ، و
وسط هذه التطورات، تتصاعد التحذيرات من عواقب اجتماعية خطيرة ، ويرى بعض الكتّاب والمحللين أن الاستمرار في سحب الجنسية بشكل مكثف قد يُشعل فتنة داخلية، خاصة إذا شملت الإجراءات أفرادًا حصلوا على الجنسية بطرق قانونية، ولكن أُعيد النظر فيها بأثر رجعي ، و الكاتب محمد البغلي حذر من المساس بالمراكز القانونية المستقرة، داعيًا إلى التفريق بين المخالفين ومن حصلوا على الجنسية بطرق شرعية ، و
بين تطبيق القانون والحفاظ على الوحدة الوطنية ، وعلى الرغم من تأكيد الحكومة الكويتية أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية الهوية الوطنية ووحدة المجتمع، إلا أن بعض الأصوات تُعبّر عن قلقها من استخدام القوانين بشكل فضفاض ، فالأهداف المعلنة، مثل مكافحة التزوير والازدواجية، قد تتحول إلى أداة للتمييز والإقصاء إذا لم تُنفذ بحذر وشفافية ، و
في ظل هذا التصعيد، يطالب حقوقيون ومراكز دولية مثل مركز الخليج لحقوق الإنسان بضرورة توفير آليات قانونية عادلة للطعن في القرارات، مع تقديم بدائل حياتية للمسحوبة جنسيتهم ، فغياب الإنصاف في هذه الإجراءات قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والاقتصادية، ويدفع نحو انقسامات أعمق في المجتمع الكويتي ، والسؤال الذي يطرحه السياق ، هو : إلى أين تتجه الكويت؟!! وبين تطمينات الحكومة وتحذيرات النخب الفكرية والحقوقية، يبقى السؤال الأبرز: هل ستتمكن الكويت من الموازنة بين تطبيق القانون والحفاظ على حقوق الأفراد والنسيج الوطني؟!! أم أن هذه الإجراءات ستفتح الباب أمام أزمات جديدة تُهدد استقرار البلاد؟!! والأيام القادمة ستكشف الإجابة، لكنها بلا شك تُنذر بفصل جديد مليء بالتحديات والاختبارات الحاسمة ، وهنا إذ نذكر بضرورة الإلتزام بالقانون الدولي الإنساني ، فإننا نتمنى الخير للكويت ، ونسأل الله تعالى أن يحفظه ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .