يبدو أن الحكومة ماضية في الحد من المخالفات المرتبطة بالكهرباء، وذلك لضمان توفيرها بطرق قانونية وآمنة، فالحكومة ممثلة بوزارة الطاقة بدأت بالكشف عن مسودة مشروع قانون الكهرباء العام لعام 2024، والذي يعكس تغييرا جوهريا في سياسة مكافحة سرقة الكهرباء والعبث بشبكات الكهرباء.
إلا أن تفاصيل هذا المشروع ما تزال قيد النقاش، كونه يقدم مجموعة من التعديلات التي من شأنها أن تشدد العقوبات على المخالفين بشكل غير مسبوق، بما يعكس حاجة ماسة لتعزيز الرقابة على هذه الموارد الحيوية وحمايتها من الاستغلال غير قانوني.
بلا شك نحن بحاجة ردع أكثر فعالية وقوانين أكثر صرامة لكن بشيء من المعقول بحيث لا يثير حفيظة الشارع، فإن أحد أبرز ملامح مشروع القانون هو رفع العقوبات المقررة في قانون الكهرباء العام المؤقت رقم 64 لسنة 2002، والذي يتعلق بالعبث بالعدادات الكهربائية أو سرقة الكهرباء، ففي السابق كانت العقوبات تشمل الحبس من 6 أشهر إلى سنتين أو غرامة تتراوح بين 2000 و10 آلاف دينار، لكن المشروع الجديد غلظ من هذه العقوبات بشكل أكبر بموجب التعديلات، بحيث أصبح يتراوح الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، مع غرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تزيد على 10 آلاف دينار.
أما الإضافة الجديدة والأخطر في مشروع القانون هي فرض عقوبات صارمة على تخزين الكهرباء بقدرة تزيد على الحد المقرر من قبل هيئة الطاقة، لتصل للحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، مع غرامة تصل إلى 200 ألف دينار، في حين أن هذا النوع من المخالفات لم يكن يعاقب عليه في القانون الساري.
فالمشروع لم يختصر على العقوبتين السابقتين بل تطرق إلى العبث بالعدادات الكهربائية وفض الأختام، فمشروع القانون شدد في العقوبات عليها، بحيث أصبحت عقوبة الحبس التي كانت من شهر إلى 3 سنوات، غلظت لتكون من سنة إلى سنتين مع غرامة تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف دينار، وذلك بحجة الخسائر الفادحة التي وقعت على الشركات والمستهلكين على حد سواء نتيجة هذا الفعل.
وفي ملخص المقال أريد أن أقول ان مشروع قانون الكهرباء لعام 2024 يشمل تعديلات جوهرية أخرى لم أتطرق إليها بلا شك، كونها تهدف إلى تشديد العقوبات ضد المخالفات المرتبطة بالكهرباء أيضا، لذلك يجب علينا البحث عن إيجابيات وسلبيات مشروع القانون لمعرفة مدى تحقيقه للعدالة والمساوة بين المواطنين.
فالإيجابيات ممثلة هنا بتقليل الفاقد من الطاقة وتعزيز كفاءة استهلاك الكهرباء، وتنظيم تخزين الطاقة لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة وغيرها من الأمور التي ستنعكس على المواطن بإيجابية في المستقبل.
أما السلبيات تتمثل في تشديد العقوبات بشكل قد يكون مبالغا فيه في بعض الحالات، مثل فرض الحبس لمدة تصل إلى 3 سنوات مع غرامات كبيرة على تخزين الكهرباء، وهو ما قد يكون غير متناسب مع بعض الحالات، كما أن زيادة الغرامات قد تثقل كاهل الفئات ذات الدخل المنخفض، وهو ما سيراه البعض على أنه اشبه بقانون السير الذي أثار ضجة قبل فترة.
في الختام، رغم أن مشروع القانون يمثل خطوة مهمة نحو تحسين استهلاك الكهرباء وحماية الشبكة، إلا أن العقوبات المشددة قد تحتاج إلى مراجعة لضمان التوازن بين الردع والتطبيق العادل، مع مراعاة ظروف المجتمع المختلفة.