إن أول ما أكد عليه الشهيد وصفي وتمسك به هو أن العدو الصهيوني الإرهابي لا يؤمن بالسلام، وأن السلام لا يعيد الحقوق المسلوبة إلى أصحابها. وها نحن بعد مرور ربع قرن من توقيع معاهدات سلام مع الكيان الإسرائيلي أبرزها اتفاقية أوسلو بين العدو الصهيوني و حركة فتح نلمس لمس اليد أن العدو الصهيوني لم يلتزم بشيء، ولم يعيد حقا من حقوق أبناء فلسطين. مما يؤكد قناعة الشهيد وصفي التل بعبثية الحلول السلمية مع هذا العدو.
موقف عظيم الأمة على أثر أحداث أيلول التي كادت أن تقضي على الأردن، بعد أن تعددت السلطات، وتم العبث بالوحدة الوطنية، وتكاثرت التنظيمات المسلحة، التي أصبحت دولة داخل دولة. ورغم المحاولات التي بذلها الشهيد وصفي وآخرون للوصول إلى معادلة مقبولة بين الدولة والمنظمات، إلا أن إصرار هذه المنظمات على فكرة إسقاط الدولة أدى إلى المواجهة الحتمية.
عملت الحكومة على نشر الأمن في البلاد، ولجأ الشهيد وصفي التل إلى الحوار الصريح والعمل من خلال التفاهم والإقناع، وبناء على ذلك خرج المسلحون من عمان إلى عجلون وجرش. وفي تموز 1971 حدثت الإشتباكات التي أدت إلى خروج المنظمات الإرهابية المسلحة من الأردن. و على الرغم من تأكيد الرئيس وصفي التل للكثيرين أنه لم يكن على علم بما حصل، إلا أنه أعلن مسؤوليته كرئيس للوزراء ووزيرا للدفاع، ولم يعلن أن الجيش تصرف دون علمه، بعد سلسلة من الإعتداءات الإستفزازية التي تعرض لها الجيش، وسقط فيها عدد من الجنود.
كان الشهيد وصفي التل يؤكد في بياناته الوزارية أمام مجالس النواب بأن واجب الحكومة الأول هو ترجمة كتب التكليف السامية إلى برامج عمل وخطط تنفيذية وتطبيقية، بعيدا عن الوعود، وأن العهود التي ستطلقها ستكون بما يمكنها من تحقيقه على أرض الواقع، ورسخ مبدأ ثابتا بأن الحكومة خادمة للدولة وليست حاكمة.
وخلال رئاسته الحكومة أصدر قرارا الأول من نوعه بإنشاء الجامعة الأردنية، وكرر الحديث في كل مناسبة بأن حب الأردن يدفع إلى ملاقاة النداءات الإيجابية لثورة العصر ومواجهتها بما تتطلبه من تكيف صادق وتطور حقيقي وسليم.
ودافع الراحل عن الوحدة الوطنية وجعلها فوق أي إعتبار، وأن سيادة القانون هي ما يجعل الأردن يتقدم وينتقل إلى مراحل الإنتاج، وأن الخدمات ستؤمن بحسب الإمكانات المالية المتوافرة وضمن تخطيط عادل للأولويات.
إن الإغتيال تم بالطريقة المافوية ، أي بتواجد هواه يطلقون النار وبشكل معلن بينما القاتل الحقيقي قناص حاذق معه بندقية عالية الجودة يطلق طلقة واحدة في مقتل .
إلى جنات الخلد أيها الفارس الخالد، ستبقى في القلوب شريانا تاجيا يوصل القلب بالفكر.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي