زاد الاردن الاخباري -
المستقرضات في الموروث الشعبي هي سبعة أيام؛ أربعة أيام من شهر شباط/ فبراير، وثلاثة من شهر آذار/ مارس، وهي فترة لها علاقة بفترة السعود المعروفة (سعد السعود)، حيث يأتي بعض الدفء في شهر شباط/فبراير وخاصة في نهايته وكأنها بالأصل من شهر آذار/مارس، و يأتي بعدها أيام باردة ومطيرة في شهر آذار/مارس و كأنها بالأصل هي من شهر شباط/فبراير.
وارتبطت بالموروث الشعبي هنا في الأردن وبلاد الشام بالكثير من الأمثال الشعبية والأساطير الشهيرة مثل الأسطورة الشعبية التي تقول، أن الإنسان حوّل شهري شباط وآذار إلى أشخاص يتبادلون الحوار، حيث يطلب شباط في آخر أيامه من "ابن عمه" آذار أن يسنده بثلاثة أيام لينهي اسبوعاً كاملاً من البرد القارس والشتاء الماطر الذي قد يرفع منسوب المياه في الأنهار والسيول، ويقول له: "آذار يا ابن عمي هات ثلاثتك على أربعي خلي العجوز في الواد تقرعي"، وتقرعي بمعنى تسيل في النهر.
والعجوز بحسب الأسطورة، قد أغضبت شباط عندما قالت لأغنامها أن شباط لم يعد فيه مطر وسيول، حيث قالت مخاطبة أغنامها: "فات شباط الخباط وما أخذ مني لا نعجة ولا رباط، وضربنا على ظهره بالمخباط"، فأحس شباط بالإهانة وأن العجوز التي تسكن بالقرب من أحد السيول، تقلل من شأنه، كما تدعي الرواية. فدفعه هذا إلى أن يزيد من شدة الأمطار والبرد القارس، وأن يطلب من آذار أن يسعفه بثلاثة أيام أُخريات، ليزيد من وطأة الشتاء والبرد على العجوز وأغنامها، فغرقت العجوز وأغنامها في النهر من سوء الأحوال الجوية في هذا الوقت.
و تأثرت المملكة منذ يوم الأحد الماضي 24-11-2024 بموجة برد سيبيرية مبكرة استمرت لعدة أيام حتى يوم الأربعاء 27-11-2024، شهدت معها المملكة أجواء شديدة البرودة من عمق كوانين والمربعانية وسجلت مختلف مناطق المملكة درجات حرارة متدنية جداً كان أدناها في لواء الشوبك بمحافظة معان بواقع -3.9 مئوية تحت الصفر، بينما سجلت محطة رصد مطار الملكة علياء الدولي في العاصمة عمان درجات حرارة هي الأدنى منذ 13 عام بواقع -3 درجات مئوية تحت الصفر!
وقال المتنبئون الجويون في "طقس العرب"، أن هذه الموجة الباردة تعتبر مبكرة جداً نسبة لهذا الوقت من العام لو تمت مقارنة درجات الحرارة في أشهر تشرين ثاني/نوفمبر خلال ال50 سنة الأخيرة، إذ بحسب إدارة الأرصاد الجوية تكرر مثل تسجيل هذه القيم في درجات الحرارة فقط 60 مرة من أصل أكثر من 225 ألف قراءة.
وتشير الخرائط الجوية في مركز "طقس العرب" بأن الأيام الأولى من شهر كانون أول/ديسمبر ستشهد ارتفاعاً مُتتالياً وملحوظاً على درجات الحرارة وسط أجواء أكثر دفئاً مما كان عليه الوضع في شهر تشرين ثاني/نوفمبر.
و تشبه الأحوال الجوية التي ستحدث خلال هذه الأيام مايُشير إليه الموروث الشعبي بالمُستقرضات ولكن هذه المرة ليس بين شباط و آذار، إنما بين تشرين و كانون! إذ يبدو وكأن تشرين الثاني استعار أو "استقرض" من كانون أول بعض الأيام السيبيرية الكانونية الباردة في حين أخذ كانون أول بدلاً منها من تشرين ثاني بعض الأيام الخريفية الدافئة التشرينية التي ندعو الله أن لا تطول وأن يرزقنا الغيث قريباً ولا يجعلنا من القانطين.