أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الاحتلال يحتجز مدير وطاقم مستشفى كمال عدوان ويقتادهم للتحقيق محاكمة أميركي بتهمة نقل تكنولوجيا قاتلة لإيران 40 شهيدا وحرق مستشفى كمال عدوان تقرير: ميزانية إسرائيل لعام 2024 تواجه عجزاً قياسياً خبير أردني يدعو لإطلاق الأرانب في الصحراء الاحتلال الإسرائيلي يعتقل مدير الدفاع المدني في محافظة شمال غزة شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مخيم المغازي ومواصي رفح وفاة أردنيين بحادث سير بأميركا بدء تشغيل المسار الجديد للباص سريع التردد (عمان-الزرقاء) الأحد إعلام إسرائيلي: تل أبيب تخطط لعمليات واسعة ضد الحوثيين الأردن .. استقرار الذهب لليوم السابع على التوالي مجلس النواب يناقش تقرير ديوان المحاسبة الاثنين طهبوب تسأل حسان عن إنجاز حكومته بعد 100 يوم السبت .. طقس بارد إجمالا وفرصة لزخات أمطار الفريق العدوان يكتب: حذارِ أن ينامَ الأردنّ والخطرُ مستيقظٌ .. ! “رغبة توسعية” .. ترامب يطلق أمنيات “مثيرة” في أعياد الميلاد إخوان الأردن و«تجميل» الثورة السورية: وقف حرب الكبتاغون وتصدير الكهرباء ومكاسب أخرى 719 مليون دينار أرصدة مستحقة للضمان على المنشآت مستشفى كمال عدوان في جباليا خارج الخدمة .. ومصير طاقمه مجهول (شاهد) فيفا يصف إنجازات النشامى في 2024 بالاستثنائية
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة الصراع لاجل سوريا لا عليها

الصراع لاجل سوريا لا عليها

05-12-2011 02:07 PM

قد لا يكون هناك اي شخص انتابه شعور رهيب بثقل الفراغ الذي خلفه الخروج المصري من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، اثر اتفاقيات كامب ديفيد أكثر من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، إذ انه كان على دراية دقيقة في أن أي خطأ سوف يرتكبه أثناء إدارته لتنمية مشروعية استمرار حكمه بالمحافظة على جذوة صراعه مع إسرائيل متقدة، سيكون من طبيعة الأخطاء التي لا ترد ولا تعالج.
فلقد انتاب الرجل على ما ورد في توصيف باتريك سيل لوضعه عقب رفع الرئيس السادات اتصالاته مع الإسرائيليين عام 1977 والى توقيع اتفاقيات كامب ديفيد لمستوى الخيار بحثا عن سلام معهم لا زال تائها، شعورا طاغيا، بأنه بات عرضة لخطرين قاتلين : خطر التدمير المادي الذي قد يخلفه هجوم عسكري إسرائيلي مباغت، وخطر التدمير السياسي الذي سينجم عن تهميش الدور السياسي الإقليمي لسوريا، إذا ما قيض للسادات اجتذاب دول وأطراف عربية أخرى لخيار التسوية مع إسرائيل.
ومن حقيقة انكشاف الظهر السوري لأول مرة منذ اندلاع الصراع العربي الإسرائيلي، اخذ الرئيس حافظ الأسد في إعادة صياغة مفهوم الأمن القومي لبلاده وامتداداته وميادين عمله، وتوصل على وجه السرعة إلى ضرورة البناء وفق متغيري القوة الذاتية في الداخل السوري، والانتشار الإقليمي في الخارج بغرض عزل مصر ومنعها من إي تأثير في ثلاث دوائر رئيسية هي الدائرة الأردنية والدائرة اللبنانية والدائرة الفلسطينية، كجزء من إستراتيجية اسماها الأسد شخصيا بالتوازن الاستراتيجي.
أما على مستوى الداخل السوري فقد كان من ابرز ملامح هذه الإستراتيجية إعادة بناء القوة العسكرية السورية التي كانت لتوها قد فرغت من حرب أكتوبر 1973 لاحتمال مواجهة عسكرية منفردة مع الجيش الإسرائيلي الذي يوصف بأنه واحد من بين أقوى الجيوش في العالم وأكثرها عصرية، إلى جانب ضبط إيقاع عمل المعارضات السورية وفقا لنظرية الرئيس في مفهوم الأمن القومي السوري، مما جعل هذا الإيقاع داميا وعنيفا في كثير من الأحيان.
ولم تختلف كثيرا خيارات الرئيس حافظ الأسد الخارجية عن مثيلاتها في الداخل، إذ هي الأخرى كثيرا ما ضمختها دماء معارك عسكرية مع حلفاء وأصدقاء الأمس، إلى جانب دماء سالت في معارك خفية وسرية قادتها أجهزة أُنشأت لغايات من هذا القبيل في دول قريبة وبعيدة، إضافة إلى معارك سياسية ودبلوماسية قاسية ومريرة قادها في المحافل الدولية والإقليمية. ولم يتردد الأسد الأب أبدا بالذهاب إلى الخارج الأبعد حيث دخل في شراكات دولية وإقليمية لم تبررها سوى الرغبة الجامحة في الإمساك بأكثر من ورقة لاستخدامها في إبقاء صراعه مع إسرائيل قائما كأحد أهم ركائز مشروعية بقاء الحكم واستمراره.
وخلال نحو اثنين وعشرين عاما فصلت بين الانعزال المصري عن جسد الأمة في كامب ديفيد وحتى عام 2000 عام وفاة الرئيس الأسد، كانت سوريا قد عبرت كل مراحل الخطر الكبرى وتموضعت في معادلتي الحرب والسلام معا، دون أن يتمكن إي كان أن يبرهن على عكس ذلك، وصارت تيارات الإقليم الهوائية وأمواجه المائية لا تتحرك إلا بعد علم دمشق أو إعلامها.
وفي المقابل فانه ليس بالإمكان نفي أن هجوم السلام الذي اجتاح المنطقة، أو بالأحرى دفعها نحو سلام ُصنع في مخابر واضعي استراتيجيات كونية ما بعد الثنائية القطبية في واشنطن، بعد حربي الخليج الثانية والثالثة، حيث ذهبت منظمة التحرير الفلسطينية في عملية سلام مع الإسرائيليين لم تبدأ بعد، إلا أنها فتحت الباب لعملية مماثلة مع الأردن، قد وضع شرعية بقاء نظام الحكم السوري عبر استمرار رفع شعار حرب مع إسرائيل لن تكون من الجولان إلا اضطرارا في وضع تآكل وجعل كلفتها جد عالية.
فقد شكل الانخراط الفلسطيني ثم الأردني في السلام الإسرائيلي ضربة موجعة لمفهوم وإستراتيجية الأمن السوري، الذي ُزج به نحو نقطة حرجة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري عام 2005 واخراج القوات السورية من لبنان، بل واجبار دمشق لاول مرة على الاعتراف بسيادة الدولة اللبنانية وترسيم الحدود معها، وهي خطوة أراد لها الأمريكيون أن تكون قبل الأخيرة في انهيار ركائز نظرية الأمن السوري على المستوى الإقليمي.
ولمتابعة زخم الضغط على دمشق، وبعد نحو عام أو يزيد قليلا، تحينت إسرائيل فرصة إقدام حزب الله على اختطاف اثنين من جنودها بعد معركة خاضها مقاتلو الحزب مع القوات الإسرائيلية في منطقة مزارع شبعا جنوب لبنان، تحينت الفرصة لشن حرب اجتثاث لحزب الله الذراع القوية لسوريا وإيران في لبنان.
ورغم هول تلك الحرب وأثارها المدمرة وفشلها في تحقيق إي من أهدافها المعلن منها وغير المعلن، غير أنها نجحت في خلق حالة من توازن الرعب بين حزب الله وإسرائيل أخرجت لبنان بصورة مباشرة من معادلة المناورات السورية، وان أبقته في إطار معادلة أمنها الوطني، وهو الأمر الذي لم يكن كافيا لإدخال سوريا في بيت الطاعة الإسرائيلي-الأمريكي، وبقيت دمشق شوكة في الحلق الأمريكية، سيما بعدما أدركت واشنطن قوة تأثير حسابات الإقليم السياسية والأمنية على خيارات حكومة مثل حكومة المالكي في بغداد التي ُيفترض أنها الأقرب لتأتمر بأوامر واشنطن أكثر من انصياعها لاستراتيجيات طهران وحسابات دمشق.
ومن زاوية النظر هذه كان يبدو النجاح السوري كبيرا ومؤثرا، ومنها كان يتضح الفشل الأمريكي الإسرائيلي أكثر كبرا، وكانت تبدو محاولات واشنطن تركيع نظام الأسد اقرب إلى الأحجية، خاصة بعد أن فشل بوش الابن في فهم مغزى أمر بوش الأب للجنرال نورمان شوارتزكوف بوقف الهجوم نحو بغداد عام 1991 لإبقاء إستراتيجية الاحتواء المزدوج خيارا أمريكيا طويل الأمد، ما تسبب في استبدالها بغياب مفهوم استراتيجي جديد في ظل انعدام اصطفاف نهائي لإعادة توزيع القوة في الإقليم.
أما من الزاوية المقابلة فان الفشل السوري كان خطيرا كسائر فشل الأنظمة العربية الأخرى في إدراك أن الهزيمة التاريخية لتطبيقات النظريات الشيوعية وانتهاء التنافس الإيديولوجي على مستوى السياسة الدولية، بالإضافة إلى أن ما طرأ من مفاهيم جديدة على اقتصاد السوق وفتح الحدود أمام حركة رأس المال، وتعزيز منظومات العمل الدولي لحماية حقوق الإنسان، كلها عوامل وتطورات حتمت تغييرا جذريا في عديد قيم النظام الدولي، انهار معها مفهوم سيادة الدول نفسها تحت وطأة التوسع في حماية حقوق الأفراد والمجموعات، وانه لم تعد الحلول الأمنية هي سبيل تعايش الأنظمة مع شعوبها، كما أن جزءا من خيارات هذه الأنظمة لإدارة الحياة السياسية والاجتماعية انفتحت أمام منظمات وجمعيات المجتمعات المدنية المحلية منها وذات الصبغة الدولية على حد سواء.
فلم يدرك الأسد الابن أن القبضة الحديدية لأجهزة الأمن التي ورثها عن أبيه لم تعد هي طريق البقاء، كما انه لم يدرك انهيار أحبولة التعارض بين الأمن والديمقراطية، وان العكس ربما هو الأقرب إلى الحقيقة والصواب، حيث لم يش تاريخ طويل من احتكار هذه الأنظمة لسلطة اتخاذ القرار إلا بالفشل الذريع وان المطلوب هو التوسع بقاعدة المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية للدولة والأمة، كما انه لم يأخذ على محمل الجد تقاسم الآخرين له سلطة صناعة القرار الداخلي، ولذا فانه أمعن بسياسة الانفراد بصياغة أساليب معالجة أزمة الدولة السورية والتي جاءت أمنية قاسية ودموية.
هذا الجهل أو التجاهل لحقائق متغيرات القوة وإعادة انتشارها على المستويين الإقليمي والدولي، وما نجم عنهما من متغيرات أعمق على مستوى قيم النظام الدولي، هو الذي يضع سوريا اليوم نظاما ودولة في مهب الريح ويعرض مكاسب بناء دولة تصارع على قيادة النظام الإقليمي العربي، وتعيد بناء سياساته وفقا لرؤية استقلالية بحدود ما إلى الانهيار والتلاشي.
ولذا فان رؤية المشهد السوري اليوم تبدوا أكثر ضبابية من أي وقت مضى، حيث تختلط الرغبات والدوافع في التغيير، بين ما هو استجابة طبيعية لازمة الدولة والنظام وحق الشعب السوري بدولة مدنية وحياة ديمقراطية، وبين ما هو رغبة دولية وإقليمية في إنهاء الدور السوري الإقليمي في حماية الحدود الدنيا لهيبة النظام العربي واستقلاله.
ولكن ذلك لا يعني أن يكون الحل على حساب تطلعات الشعب السوري بحياة سياسية أفضل، حيث لا بد من التغيير، ولكن ليس عن طريق التدويل وفتح أبواب دمشق لغزاة جدد، بعد تدمير قوة ومكانة الدولة السورية، ولا عن الطريق المشبوه للجامعة العربية التي تمهد لذلك الغزو، بل عن طريق استنهاض كل الشارع السوري، كما استنهضت شوارع تونس ومصر واليمن وليبيا قبل أن ُتعسكر، وان الصراع يجب أن يكون لأجل سوريا لا عليها، وهذه مسؤولية المعارضة في أن ترفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي، كما أنها مسؤولية النظام الذي عليه أن يبرهن انه عمل لأجل سوريا، بالرحيل المبكر قبل أن ُيرحل وقد استحالت المدن السورية رمادا.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع